الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5135 [ ص: 228 ] 48 - باب: من أدخل الضيفان عشرة عشرة، والجلوس على الطعام عشرة عشرة.

                                                                                                                                                                                                                              5450 - حدثنا الصلت بن محمد، حدثنا حماد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، عن أنس. وعن هشام، عن محمد، عن أنس. وعن سنان أبي ربيعة، عن أنس أن أم سليم- أمه- عمدت إلى مد من شعير، جشته وجعلت منه خطيفة، وعصرت عكة عندها، ثم بعثتني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتيته -وهو في أصحابه- فدعوته، قال: "ومن معي". فجئت فقلت: إنه يقول: "ومن معي"، فخرج إليه أبو طلحة قال: يا رسول الله، إنما هو شيء صنعته أم سليم. فدخل فجيء به وقال: "أدخل علي عشرة". فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال: "أدخل علي عشرة". فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال: "أدخل علي عشرة". حتى عد أربعين، ثم أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام، فجعلت أنظر; هل نقص منها شيء!. [انظر: 422 - مسلم: 2040 - فتح:9 \ 574].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا الصلت بن محمد، ثنا حماد بن زيد، عن الجعد أبي عثمان، عن أنس. وعن هشام، عن محمد، عن أنس. وعن سنان أبي ربيعة، عن أنس أن أم سليم -أمه- عمدت إلى مد من شعير، جشته وجعلت منه خطيفة، وعصرت عكة عندها، ثم بعثتني إلى رسول الله فأتيته -وهو في أصحابه- فدعوته، قال: "ومن معي". فجئت فقلت: إنه يقول: "ومن معي"، فخرج إليه أبو طلحة فقال: يا رسول الله، إنما هو شيء صنعته أم سليم. فدخل فجيء به وقال: "أدخل علي عشرة". فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال: "أدخل علي [ ص: 229 ] عشرة". فدخلوا فأكلوا حتى شبعوا، ثم قال: "أدخل علي عشرة". حتى عد أربعين، ثم أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام، فجعلت أنظر; هل نقص منها شيء.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سبق بنحوه قريبا في باب: من أكل حتى شبع ، وفي علامات النبوة أيضا من وجه آخر عن أنس .

                                                                                                                                                                                                                              والصلت بن محمد: هو ابن عبد الرحمن بن أبي المغيرة أبو همام البصري الخاركي ، وخارك: جزيرة في بحر البصرة . وروى النسائي عن رجل عنه.

                                                                                                                                                                                                                              والقائل: (وعن هشام) هو ابن حسان، و (عن سنان) هو حماد بن زيد. ومحمد هو ابن سيرين، وسنان أبو ربيعة: هو ابن ربيعة الباهلي البصري. انفرد به البخاري.

                                                                                                                                                                                                                              الخطيفة: -بفتح الخاء المعجمة، ثم طاء مهملة، ثم مثناة تحت، ثم فاء ثم هاء- عصيدة من دقيق ولبن، قال الخطابي: وسمعت الزاهد يقول: هي الكبولا، وإنما سميت خطيفة; لأنها تخطف بالملاعق والأصابع .

                                                                                                                                                                                                                              وإنما أدخلهم عشرة عشرة; لأنها كانت قصعة واحدة فيها مد من الشعير، فلا يمكن هذه الجماعة الكبيرة أن يقدروا على التناول منها إلا بجهد، وربما آذى بعضهم بعضا. وليس في الحديث دلالة أنه [ ص: 230 ] لا يجوز أن يجلس على مائدة أكثر من عشرة كما ظن من لم يمعن النظر في ذلك; لأن الصحابة قد أكلوا في الولائم مجتمعين.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن الاجتماع على الطعام من أسباب البركة فيه، وقد روي أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع. قال: "فلعلكم تأكلون وأنتم مفترقون" قالوا: نعم. قال: "فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله تعالى; يبارك لكم" رواه أبو داود، عن إبراهيم بن موسى أنا الوليد بن مسلم، نا وحشي بن حرب، عن أبيه، عن جده أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا .. الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: علم من أعلام نبوته; لأن الطعام كان مدا من شعير وأكل منه أربعون رجلا ببركة النبوة المعصومة، ثم أكل منه بعد ذلك، وبقي الطعام على حاله، وهذا من أعظم البراهين، وأكبر المعجزات.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              معنى: جشته: جعلته جشيشا ثم عصيدة، قال ابن فارس: يقال جششت الشيء إذا دققته، والسويق: جشيش .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              ذكر هنا أن القوم كانوا أربعين، وفيما مضى ثمانين ، ومرة سبعين أو ثمانين ، والظاهر تعدد الواقعة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 231 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              إن قلت هنا لم يذكر الاستئذان على عشرة، بخلاف قصة أبي شعيب السالفة، قلت: الجواز من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها: أنه علم أن أبا طلحة لا يكره ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها: أنه أطعمهم هنا من بركته.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها: أنه ملك ما أرسلت به أم سليم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية