الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الآخرون مثل العنكبوت

والآخرون قالوا (ربنا الله لما وضع فيهم من العلم به ثم زاغوا وقالوا بأفواههم طلبا .للمنافع وهربا من المضار فلم يستقيموا واتخذوا من دونه أولياء يحتلبونهم ويستدرون منافعهم منهم ويستظهرون بهم ويتخذونهم من دون الله وليجة يأمنون في تلك الوليجة فمثلهم كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ولا يستر ولا يدفع حرا ولا بردا ولا يأتي بخير

ما في خطبة له صلى الله عليه وسلم

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته (إن الله يقول جعلت عبادي كلهم حنفاء فأمرتهم [ ص: 118 ] ألا يشركوا بي شيئا فأتتهم الشياطين فأحالتهم عن دينهم وأمرتهم أن يشركوا بي فهؤلاء صنف لم يمن الله عليهم بنور الهداية ومن هداه حبب إليه الإيمان بحبه وزينه في قلبه بالعقل الذي هدى إليه فثبت على التوحيد ووفى بلا إله إلا الله ثم اقتضاه الطاعة في الأمر والنهي

فكلما وفى العبد بهذه الطاعة في جميع متقلبه ووقع عليه الجهد والتعب واجتهد واحتمل التعب كان إنما يعمل في اتساع هذه الروزنة وانقشاع هذا الهوى فلا يزال يوسعها حتى تغيب في نواحي صدره إلى جوفه فيبقى هناك مسجونا فيموت في الغم غم الجوف لأنه لما جاءه النور الأول حتى خرق تلك الروزنة كان ذلك من المنة فقبل أمر الله في أن يطيعه في كل أموره كهيئة العبيد فيعبده بالطاعة فابتلاه بالأمر والنهي لينظر كيف وفاؤه بما أمر وقبل فكلما أطاع في أمر أمد من ذلك النور فلا يزال في مزيد من المدد فكلما صعد إلى الله منه طاعة أمده [ ص: 119 ] الله بمدد من ذلك النور فإذا جاء النور الزائد وقع على الهوى فرحله عن مكانه واستقر في موضعه فلا يزال هذا دأب العبد في الطاعة وشأن الله تعالى في المزيد حتى يطبق الصدر بالنور ويغيب الهوى كله من نواحي الصدر إلى الجوف لأن الهوى مظلم فإذا جاء مدد النور ومزيده أشرق ذلك المكان وغابت ظلمة الهوى حتى يمتلئ الصدر نورا كما كان ممتلئا من الهوى وتشرق الشمس بكاملها من قلبه في صدره فإذا لاحظ بنور تلك الشمس ملك العظمة سبى قلبه حب الله وإذا لاحظ ملك الجلال أحاطت به الخشية ولزمه الخوف ووقفه مكان الهيبة فعلى المحبة قرار القلب في الباطن والهيبة غشاء الحب حتى لا يضطرب القلب وتسكن هشاشة النفس في تلك الهيبة وتصديق ما قلنا في شأن المدد في قول الله تعالى والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم

[ ص: 120 ] فكلما عمل العبد طاعة فإنما يعملها من الاهتداء فيزيده الله هدى أي نورا يورثه التقوى ولا تكون التقوى إلا من الخوف والخشية

السلام للأمة من إبراهيم

وقول إبراهيم لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به فلقيه في السماء السابعة فقال له أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم بأن الجنة قيعان طيبة التربة عذبة الماء وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

التالي السابق


الخدمات العلمية