الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين ( 47 ) . )

يذكرهم تعالى سالف نعمه على آبائهم وأسلافهم ، وما كان فضلهم به من إرسال الرسل منهم وإنزال الكتب عليهم وعلى سائر الأمم من أهل زمانهم ، كما قال تعالى : ( ولقد اخترناهم على علم على العالمين ) [ الدخان : 32 ] ، وقال تعالى : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) [ المائدة : 20 ] .

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله تعالى : ( وأني فضلتكم على العالمين ) قال : بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان في ذلك الزمان ؛ فإن لكل زمان عالما .

وروي عن مجاهد ، والربيع بن أنس ، وقتادة ، وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك ، ويجب الحمل على هذا ؛ لأن هذه الأمة أفضل منهم ؛ لقوله تعالى خطابا لهذه الأمة : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم ) [ آل عمران : 110 ] وفي المسانيد والسنن عن معاوية بن حيدة القشيري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله . والأحاديث في هذا كثيرة تذكر عند قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس )

[ وقيل : المراد تفضيل بنوع ما من الفضل على سائر الناس ، ولا يلزم تفضيلهم مطلقا ، حكاه فخر الدين الرازي وفيه نظر . وقيل : إنهم فضلوا على سائر الأمم لاشتمال أمتهم على الأنبياء منهم ، حكاه القرطبي في تفسيره ، وفيه نظر ؛ لأن ( العالمين ) عام يشمل من قبلهم ومن بعدهم من الأنبياء ، فإبراهيم الخليل قبلهم وهو أفضل من سائر أنبيائهم ، ومحمد بعدهم وهو أفضل من جميع الخلق وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية