الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 43 ] من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون تصريح بأن الهدى والضلال من الله ، وأن هداية الله تختص ببعض دون بعض ، وأنها مستلزمة للاهتداء والإفراد في الأول والجمع في الثاني باعتبار اللفظ ، والمعنى تنبيه على أن المهتدين كواحد لاتحاد طريقهم بخلاف الضالين ، والاقتصار في الإخبار عمن هداه الله بالمهتدي تعظيم لشأن الاهتداء ، وتنبيه على أنه في نفسه كمال جسيم ونفع عظيم لو لم يحصل له غيره لكفاه وأنه المستلزم للفوز بالنعم الآجلة والعنوان لها .

                                                                                                                                                                                                                                        ولقد ذرأنا خلقنا . لجهنم كثيرا من الجن والإنس يعني المصرين على الكفر في علمه تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                        لهم قلوب لا يفقهون بها إذ لا يلقونها إلى معرفة الحق والنظر في دلائله . ولهم أعين لا يبصرون بها أي لا ينظرون إلى ما خلق الله نظر اعتبار . ولهم آذان لا يسمعون بها الآيات والمواعظ سماع تأمل وتذكر .

                                                                                                                                                                                                                                        أولئك كالأنعام في عدم الفقه والإبصار للاعتبار والاستماع للتدبر ، أو في أن مشاعرهم وقواهم متوجهة إلى أسباب التعيش مقصورة عليها . بل هم أضل فإنها تدرك ما يمكن لها أن تدرك من المنافع والمضار ، وتجتهد في جلبها ودفعها غاية جهدها ، وهم ليسوا كذلك بل أكثرهم يعلم أنه معاند فيقدم على النار . أولئك هم الغافلون الكاملون في الغفلة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية