الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ رابعا - القياس ] .

                                                                                                                                            فأما الأصل الرابع من أصول الشرع وهو القياس فله مقدمتان :

                                                                                                                                            إحداهما : الاجتهاد .

                                                                                                                                            والثانية : الاستنباط .

                                                                                                                                            الاجتهاد

                                                                                                                                            فأما الاجتهاد : فهو مأخوذ من إجهاد النفس وكدها في طلب المراد به . كما أن جهاد العدو من إجهاد النفس في قهر العدو ، والاجتهاد هو طلب الصواب بالأمارات الدالة عليه .

                                                                                                                                            [ ص: 118 ] وزعم ابن أبي هريرة أن الاجتهاد هو القياس ونسبه إلى الشافعي من كلام اشتبه عليه في كتاب الرسالة .

                                                                                                                                            والذي قاله الشافعي في هذا الكتاب : أن معنى الاجتهاد معنى القياس .

                                                                                                                                            يريد به أن كل واحد منهما يتوصل به إلى حكم غير منصوص عليه .

                                                                                                                                            والفرق بين الاجتهاد والقياس : أن الاجتهاد هو ما وصفناه من أنه طلب الصواب بالأمارات الدالة عليه ، والقياس هو الجمع بين الفرع والأصل لاشتراكهما في علة الأصل ، فافترقا ، غير أن القياس يفتقر إلى اجتهاد ، وقد لا يفتقر الاجتهاد إلى القياس على ما سنوضحه فلذلك جعلنا الاجتهاد مقدمة للقياس .

                                                                                                                                            والدليل على أن الاجتهاد له أصل يعتمد عليه في أحكام الشرع : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : " بم تحكم ؟ قال : بكتاب الله قال : فإن لم تجد ؟ قال : بسنة رسول الله . قال : فإن لم تجد ؟ قال أجتهد رأيي . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ، فدل على أن الاجتهاد عند عدم النص أصل في أحكام الشرع .

                                                                                                                                            وإذا كان كذلك فالكلام في الاجتهاد يشتمل على أربعة فصول :

                                                                                                                                            أحدها : فيمن يجوز له الاجتهاد .

                                                                                                                                            الثاني : في وجوه الاجتهاد .

                                                                                                                                            والثالث : فيما يجب بالاجتهاد .

                                                                                                                                            والرابع : في حكم الاجتهاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية