الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5173 [ ص: 385 ] 11 - باب: التصيد على الجبال

                                                                                                                                                                                                                              5492 - حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب، أخبرنا عمرو، أن أبا النضر حدثه عن نافع -مولى أبي قتادة- وأبي صالح -مولى التوأمة- سمعت أبا قتادة قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بين مكة والمدينة وهم محرمون، وأنا رجل حل على فرس، وكنت رقاء على الجبال، فبينا أنا على ذلك إذ رأيت الناس متشوفين لشيء، فذهبت أنظر فإذا هو حمار وحش، فقلت لهم: ما هذا؟ قالوا: لا ندري. قلت: هو حمار وحشي. فقالوا: هو ما رأيت. وكنت نسيت سوطي، فقلت لهم: ناولوني سوطي. فقالوا: لا نعينك عليه. فنزلت فأخذته، ثم ضربت في أثره، فلم يكن إلا ذاك، حتى عقرته، فأتيت إليهم فقلت لهم: قوموا فاحتملوا. قالوا: لا نمسه. فحملته حتى جئتهم به، فأبى بعضهم، وأكل بعضهم، فقلت: أنا أستوقف لكم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأدركته فحدثته الحديث، فقال لي: "أبقي معكم شيء منه؟". قلت: نعم. فقال: "كلوا، فهو طعم أطعمكموها الله". [انظر:1821 - مسلم: 1196 - فتح:9 \ 613].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر حديث ابن وهب: أنا عمرو، أن أبا النضر حدثه عن نافع -مولى أبي قتادة- وأبي صالح -مولى التوأمة- قالا: سمعنا أبا قتادة - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بين مكة والمدينة وهم محرمون، وأنا حل على فرس، وكنت رقاء على الجبال، فبينا أنا على ذلك إذ رأيت الناس متشوفين فنظرت فإذا حمار وحش، وساق الحديث المذكور في الحج.

                                                                                                                                                                                                                              والتوأمة: بفتح التاء، وواو ساكنة، ثم همزة مفتوحة، وقال ابن التين : فيه روايتان: تومة، على وزن: حطمة، وتومة بفتح أوله كما أسلفناه، وقال الداودي: تغير أبو صالح هذا بآخره فمن أخذ منه قديما مثل ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث فهو صحيح، وذكره هنا

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 386 ] مع نافع لما في حديثه من الزيادة، وهو قوله: (رقاء) إلى قوله: (حمار وحش).

                                                                                                                                                                                                                              وقال الجياني: كذا رواه ابن السكن، وأبو أحمد، وأبو زيد عن نافع وأبي صالح، إلا أن أبا محمد كتب في حاشية كتابه: هذا خطأ. يعني: أن صوابه عنده: عن نافع وصالح مولى التوأمة. وليس كما ظن، والحديث محفوظ لنبهان أبي صالح لا لابنه صالح، ورواية من ذكرنا من الرواة صواب، كما رووه، والوهم من أبي محمد، وقد أخبرني أبو (عمر) أحمد بن محمد بن يحيى بن الحذاء عن أبيه، قال: سألت أبا محمد عبد الغني بن سعيد المصري عن هذا الحديث، وعمن روى فيه: صالح مولى التوأمة فقال: هذا خطأ، إنما هو عن نافع وأبي صالح.

                                                                                                                                                                                                                              قال: وأبو صالح هذا هو: والد صالح، ولم يأت له غير هذا الحديث فلذلك غلط فيه من غلط، وأبو صالح اسمه: نبهان، وهو مذكور فيمن خرج له البخاري في "الصحيح" يعني في المقرونات .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              نبه البخاري بما ترجم على جواز ارتكاب المشاق لنفسه ودابته لغرض صحيح وهو الصيد، والتصيد على الجبال كهو على السهل في الإباحة سواء، وأن جري الخيل في الجبال والأوعار جائز للحاجة وليس من تعذيب الحيوان والتحامل عليها.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 387 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (رقاء) ممدود، فقال: من رقى إذا صعد وطلع.

                                                                                                                                                                                                                              وفي قوله: (إذ رأيت الناس متشوفين)، وفي أخرى (فضحك بعضهم) أن التشوف والضحك ليس بإعانة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية