الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون

                                                                                                                                                                                                                                      كما ينبئ عنه قوله تعالى : فلما رأى الشمس بازغة ; أي : مبتدئة في الطلوع ، مما لا يكاد يتصور .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ; أي : على النهج السابق . [ ص: 154 ]

                                                                                                                                                                                                                                      هذا ربي وإنما لم يؤنث لما أن المشار إليه ، والمحكوم عليه ، بالربوبية هو الجرم المشاهد من حيث هو ، لا من حيث هو مسمى باسم من الأسامي ، فضلا عن حيثية تسميته بالشمس ، أو لتذكير الخبر وصيانة الرب عن وصمة التأنيث .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : هذا أكبر تأكيد لما رامه عليه السلام من إظهار النصفة ، مع إشارة خفية إلى فساد دينهم من جهة أخرى ، ببيان أن الأكبر أحق بالربوبية من الأصغر .

                                                                                                                                                                                                                                      فلما أفلت هي أيضا كما أفل الكوكب والقمر .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مخاطبا للكل صادعا بالحق بين أظهرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      يا قوم إني بريء مما تشركون ; أي : من الذي تشركونه من الأجرام المحدثة ، المتغيرة من حالة إلى أخرى المسخرة لمحدثها ، أو من إشراككم ، وترتيب هذا الحكم ونظيريه على الأفول دون البزوغ والظهور ، من ضروريات سوق الاحتجاج على هذا المساق الحكيم ، فإن كلا منهما وإن كان في نفسه انتقالا منافيا لاستحقاق معروضه للربوبية قطعا ، لكن لما كان الأول حالة موجبة لظهور الآثار والأحكام ، ملائمة لتوهم الاستحقاق في الجملة ، رتب عليها الحكم الأول على الطريقة المذكورة ، وحيث كان الثاني حالة مقتضية لانطماس الآثار ، وبطلان الأحكام المنافيين للاستحقاق المذكور منافاة بينة يكاد يعترف بها كل مكابر عنيد ، رتب عليها ما رتب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية