الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1070 ) فصل : إذا كان بعينه مرض . فقال ثقات من العلماء بالطب : إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك . فقال القاضي : قياس المذهب جواز ذلك . وهو قول جابر بن زيد ، والثوري ، وأبي حنيفة . وكرهه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وأبو وائل . وقال مالك ، والأوزاعي : لا يجوز ; لما روي عن ابن عباس ، أنه لما كف بصره أتاه رجل ، فقال : لو صبرت علي سبعة أيام لم تصل إلا مستلقيا داويت عينك ، ورجوت أن تبرأ . فأرسل في ذلك إلى عائشة ، وأبي هريرة ، وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل قال له : إن مت في هذه الأيام فما الذي تصنع بالصلاة ؟ فترك معالجة عينه .

                                                                                                                                            ولنا : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسا لما جحش شقه الأيمن ، والظاهر أنه لم يكن يعجز عن القيام ، لكن كانت عليه مشقة فيه ، أو خوف ضرر ، وأيهما قدر فهو حجة على الجواز هاهنا ، ولأنا أبحنا له ترك الوضوء إذا لم يجد الماء إلا بزيادة على ثمن المثل - حفظا لجزء من ماله - ، وترك الصوم لأجل المرض والرمد ، ودلت الأخبار على جواز ترك القيام لأجل الصلاة على الراحلة ، خوفا من ضرر الطين في ثيابه وبدنه ، وجاز ترك الجمعة والجماعة صيانة لنفسه وثيابه من البلل والتلوث بالطين ، وجاز ترك القيام اتباعا لإمام الحي إذا صلى جالسا ، والصلاة على جنبه [ ص: 446 ] ومستلقيا في حال الخوف من العدو ، ولا ينقص الضرر بفوات البصر عن الضرر في هذه الأحوال ، فأما خبر ابن عباس - إن صح - فيحتمل أن المخبر لم يخبر عن يقين ، وإنما قال : أرجو . أو أنه لم يقبل خبره لكونه واحدا ، أو مجهول الحال ، بخلاف مسألتنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية