الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : تمييز الشهود وتعيينهم .

                                                                                                                                            فأما تمييز الشهود وتعيينهم من جميع الناس حتى يعتمد الحاكم عليهم ولا يسمع شهادة غيرهم كالذي عليه الناس في زماننا فهو مستحدث ، أول من فعله إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وكان مالكيا ميز شهوده واقتصر على الحكم بشهادتهم ولم يقبل شهادة غيرهم ، وتلاه من تعقبه من القضاة إلى وقتنا ليكون الشهود أعيانا معدودين حتى لا يستشهد الخصوم بمجهول العدالة فيغرروا ولا يطمع في الشهادة غير مستحق لها فيسترسلوا .

                                                                                                                                            وهذا مكروه من أفعال القضاة : لأنه مستحدث ، خولف فيه الصدر الأول .

                                                                                                                                            وليس يكره أن يكون له شهود يقبلهم ، وإنما المكروه أن لا يقبل غيرهم اقتصارا عليهم : لأن في الناس من العدول أمثالهم ، فلم يجز أن يقتصر على بعض [ ص: 198 ] العدول دون بعض ، فيخص ، وقد عم الله تعالى ، ولم يخص .

                                                                                                                                            ولأنه قد يتجدد للناس حقوق يشهدها من اتفق ، فإذا لم يسمع إلا شهادة معين بطلت .

                                                                                                                                            ولأن في التعيين مشقة تدخل على الشاهد والمستشهد ، لمسألة الطالب وإجابة المطلوب . ولأن من قلت أمانته من الناس إذا علموا أن لا تقبل فيهم شهادة من حضرهم تجاحدوا ، وإذا لم يعلموا تناصفوا .

                                                                                                                                            [ وقد يتهافت الناس في المعاصي عند الإياس من قبول شهادتهم ويمتنعون منها عند ظنهم قبول شهادتهم ] .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية