الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب قوله إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما قال أبو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء قال ابن عباس يصلون يبركون لنغرينك لنسلطنك

                                                                                                                                                                                                        4519 حدثني سعيد بن يحيى بن سعيد حدثنا أبي حدثنا مسعر عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قيل يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد [ ص: 393 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 393 ] قوله : باب قوله : إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية ) كذا لأبي ذر ، وساقها غيره إلى ( تسليما ) .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال : أبو العالية : صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء ) أخرجه ابن أبي حاتم . ومن طريق آدم بن أبي إياس " حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع هو ابن أنس بهذا " وزاد في آخره " له " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال : ابن عباس : يصلون يبركون ) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( ويصلون على النبي ) قال : يبركون على النبي ، أي يدعون له بالبركة ، فيوافق قول أبي العالية ، لكنه أخص منه . وقد سئلت عن إضافة الصلاة إلى الله دون السلام وأمر المؤمنين بها وبالسلام ، فقلت : يحتمل أن يكون السلام له معنيان التحية والانقياد ، فأمر به المؤمنون لصحتهما منهم ، والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد لم يضف إليهم دفعا للإبهام . والعلم عند الله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لنغرينك : لنسلطنك ) كذا وقع هذا هنا ، ولا تعلق له بالآية وإن كان من جملة السورة ، فلعله من الناسخ ، وهو قول ابن عباس . ووصله الطبري أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عنه بلفظ " لنسلطنك عليهم " وقال : أبو عبيدة مثله ، وكذا قال : السدي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سعيد بن يحيى ) هو الأموي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قيل : يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه ) في حديث أبي سعيد الذي بعد هذا " قلنا : يا رسول الله " والمراد بالسلام ما علمهم إياه في التشهد من قولهم : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " والسائل عن ذلك هو كعب بن عجرة نفسه ، أخرجه ابن مردويه من طريق الأجلح عن الحكم بن أبي ليلى عنه . وقد وقع السؤال عن ذلك أيضا لبشير بن سعد والد النعمان بن بشير ، كذا وقع في حديث أبي مسعود عند مسلم بلفظ " أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك " ؟ وروى الترمذي من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال : " لما نزلت إن الله وملائكته الآية ، قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام فكيف الصلاة " ؟ .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فكيف الصلاة عليك ) ؟ في حديث أبي سعيد " فكيف نصلي عليك " ؟ زاد أبو مسعود في روايته [ ص: 394 ] " إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا " أخرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان بهذه الزيادة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) في حديث أبي سعيد " على محمد عبدك ورسولك " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كما صليت على آل إبراهيم ) أي تقدمت منك الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فنسأل منك الصلاة على محمد وعلى آل محمد بطريق الأولى ، لأن الذي يثبت للفاضل يثبت للأفضل بطريق الأولى ، وبهذا يحصل الانفصال عن الإيراد المشهور من أن شرط التشبيه أن يكون المشبه به أقوى ، ومحصل الجواب أن التشبيه ليس من باب إلحاق الكامل بالأكمل بل من باب التهييج ونحوه ، أو من بيان حال ما لا يعرف بما يعرف ، لأنه فيما يستقبل ، والذي يحصل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أقوى وأكمل . وأجابوا بجواب آخر على تقدير أنه من باب الإلحاق . وحاصل الجواب أن التشبيه وقع للمجموع بالمجموع ، لأن مجموع آل إبراهيم أفضل من مجموع آل محمد ، لأن في آل إبراهيم الأنبياء بخلاف آل محمد . ويعكر على هذا الجواب التفصيل الواقع في غالب طرق الحديث . وقيل في الجواب أيضا : إن ذلك كان قبل أن يعلم الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه أفضل من إبراهيم وغيره من الأنبياء ، وهو مثل ما وقع عند مسلم عن أنس أن رجلا قال : للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا خير البرية ، قال : ذاك إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على آل إبراهيم ) كذا فيه في الموضعين ، وسأذكر تحرير ذلك في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى . وفي آخر حديث أبي سعيد المذكور " والسلام كما قد علمتم " .

                                                                                                                                                                                                        قوله في حديث أبي سعيد ( قال : أبو صالح عن الليث ) يعني بالإسناد المذكور قبل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم ) يعني أن عبد الله بن يوسف لم يذكر آل إبراهيم عن الليث وذكرها أبو صالح عنه في الحديث المذكور ، وهكذا أخرجه أبو نعيم من طريق يحيى بن بكير عن الليث .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية