الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  الجملة السابعة في بقية أعمال الحج :

                                                                  إذا أفاض من عرفة بعد غروب الشمس فينبغي أن يكون على السكينة والوقار ، فإذا بلغ المزدلفة جمع بين المغرب والعشاء قاصرا لها بأذان وإقامتين ، ثم يمكث تلك الليلة بمزدلفة ، ويتزود الحصى منها ففيها أحجار رخوة ، فيأخذ سبعين حصاة فإنها بقدر الحاجة . ثم ليغلس بصلاة الصبح وليأخذ في المسير حتى إذا انتهى إلى المشعر الحرام - وهو آخر المزدلفة - فيقف ويدعو إلى الإسفار ، ثم يدفع منها قبل طلوع الشمس حتى ينتهي إلى موضع يقال له وادي محسر فيستحب له أن يحرك دابته حتى يقطع عرض الوادي ، وإن كان راجلا أسرع في المشي . ثم إذا أصبح يوم النحر خلط التلبية بالتكبير فيلبي تارة ويكبر أخرى ، فينتهي إلى منى ومواضع الجمرات وهي ثلاثة ، فيتجاوز الأولى والثانية فلا شغل له معهما يوم النحر حتى ينتهي إلى جمرة العقبة ، ويرمي بعد طلوع الشمس سبع حصيات رافعا يده مستقبلا القبلة أو الجمرة قائلا مع كل حصاة : " الله أكبر على طاعة الرحمن ورغم الشيطان ، اللهم تصديقا بكتابك واتباعا لسنة نبيك " . ثم ليذبح الهدي إن كان معه - والأولى أن يذبح بنفسه وليقل : " باسم الله والله أكبر اللهم منك وبك وإليك تقبل مني كما تقبلت من خليلك إبراهيم " .

                                                                  والتضحية بالبدن أفضل ثم بالبقر ثم بالشاة ، والضأن أفضل من المعز ، والبيضاء أفضل من الغبراء والسوداء .

                                                                  وليأكل منه إن كان من هدي التطوع .

                                                                  ولا يضحين بالعرجاء والجدعاء والعجفاء ثم ليحلق بعد ذلك ، ومهما حلق بعد رمي الجمرة فقد حصل له التحلل الأول وحل له كل المحظورات إلا النساء والصيد .

                                                                  ثم يفيض إلى مكة ويطوف كما وصفناه ، وهذا الطواف طواف ركن في الحج ويسمى طواف الزيارة ، وأول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر ، وأفضل وقته يوم النحر ، ولا تحل له النساء إلى أن يطوف فإذا طاف تم التحلل وحل الجماع وارتفع الإحرام بالكلية .

                                                                  ولم يبق إلا رمي أيام التشريق والمبيت بمنى . وهي واجبات بعد زوال الإحرام على سبيل الإتباع للحج .

                                                                  [ ص: 71 ] وأسباب التحلل ثلاثة :

                                                                  الرمي ، والحلق ، والطواف الذي هو ركن ، ومهما أتى باثنين من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين . ولا حرج عليه في التقديم والتأخير بهذه الثلاثة مع الذبح . ولكن الأحسن أن يرمي ثم يذبح ثم يحلق ثم يطوف .

                                                                  ثم إذا فرغ من الطواف عاد إلى منى للمبيت والرمي ، فيبيت تلك الليلة بمنى ، فإذا أصبح اليوم الثاني من العيد وزالت الشمس اغتسل للرمي وقصد الجمرة الأولى ورمى إليها بسبع حصيات ، فإذا تعداها وقف مستقبلا القبلة وحمد الله تعالى وهلل وكبر ودعا مع حضور القلب وخشوع الجوارح .

                                                                  ثم يتقدم إلى الجمرة الوسطى ويرمي كما رمى الأولى ويقف كما وقف للأولى .

                                                                  ثم يتقدم إلى جمرة العقبة ويرمي سبعا .

                                                                  ويرجع إلى منزله ويبيت تلك الليلة بمنى ويصبح فإذا صلى الظهر في اليوم الثاني من أيام التشريق رمى في هذا اليوم إحدى وعشرين حصاة كاليوم الذي قبله .

                                                                  ثم هو مخير بين المقام بمنى وبين العودة إلى مكة .

                                                                  فإن خرج من منى قبل غروب الشمس فلا شيء عليه وإن صبر إلى الليل فلا يجوز له الخروج بل لزمه المبيت حتى يرمي يوم النحر الثاني واحدا وعشرين حجرا كما سبق .

                                                                  وفي ترك المبيت والرمي إراقة دم .

                                                                  وله أن يزور البيت في ليالي منى بشرط أن لا يبيت إلا بمنى .

                                                                  ولا يتركن حضور الفرائض مع الإمام في مسجد الخيف فإن فضله عظيم .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية