الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [ ص: 186 ]

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس فيه قولان: أحدهما: مجمعا لاجتماع الناس عليه في الحج والعمرة. والثاني: مرجعا من قولهم: قد ثابت العلة إذا رجعت. وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        مثابا لأفناء القبائل كلها تحب إليها اليعملات الذوامل



                                                                                                                                                                                                                                        وفي رجوعهم إليه وجهان: أحدهما: أنهم يرجعون إليه المرة بعد المرة. والثاني: أنهم في كل واحد من نسكي الحج والعمرة يرجعون إليه من حل إلى حرم; لأن الجمع في كل واحد من النسكين بين الحل والحرم شرط مستحق. قال تعالى: وأمنا فيه قولان: أحدهما: لأمنه في الجاهلية من مغازي العرب، لقوله: وآمنهم من خوف [قريش: 4] . والثاني: لأمن الجناة فيه من إقامة الحدود عليهم حتى يخرجوا منه. واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى روى حماد، عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى بكسر الخاء [ ص: 187 ]

                                                                                                                                                                                                                                        من قوله: واتخذوا على وجه الأمر، وقرأ بعض أهل المدينة: ( واتخذوا ) بفتح الخاء على وجه الخبر. واختلف أهل التفسير في هذا المقام، الذي أمروا باتخاذه مصلى، على أربعة أقاويل: أحدها: الحج كله، وهذا قول ابن عباس . والثاني: أنه عرفة ومزدلفة والجمار، وهو قول عطاء والشعبي. والثالث: أنه الحرم كله، وهو قول مجاهد. والرابع: أنه الحجر الذي في المسجد، وهو مقامه المعروف، وهذا أصح. وفي قوله: مصلى تأويلان: أحدهما: مدعى يدعى فيه، وهو قول مجاهد. والثاني: أنه مصلى يصلى عنده، وهو قول قتادة، وهو أظهر التأويلين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية