الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 343 ] 27 - قالوا : حديث في القدر

        قالوا : رويتم أن موسى - عليه السلام - كان قدريا وحاج آدم - عليه السلام - فحجه ، وأن أبا بكر كان قدريا وحاج عمر فحجه عمر .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إن هذا تخرص وكذب على الخبر ، ولا نعلم أنه جاء في شيء من الحديث أن موسى - عليه السلام - كان قدريا ، ولا أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان قدريا .

        حدثنا أبو الخطاب قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا داود بن أبي هند ، عن عامر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لقي موسى آدم - صلى الله عليهما وسلم - فقال : أنت آدم أبو البشر الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة ؟ قال : نعم ، فقال ألست موسى الذي اصطفاك الله على الناس برسالاته وبكلامه ؟ قال : بلى ، قال : أفليس تجد فيما أنزل عليك أنه سيخرجني منها قبل أن يدخلنيها ؟ قال : بلى ، قال : فخصم آدم موسى صلى الله عليهما وسلم .

        قال أبو محمد : فأي شيء في هذا القول يدل على أن موسى - عليه [ ص: 344 ] السلام - كان قدريا ونحن نعلم أن كل شيء بقدر الله وقضائه ، غير أنا ننسب الأفعال إلى فاعليها ونحمد المحسن على إحسانه ونلوم المسيء بإساءته ، ونعتد على المذنب بذنوبه .

        وأما قولهم : إن أبا بكر - رضي الله عنه - كان قدريا ، فهو أيضا تحريف وزيادة في الحديث ، وإنما تنازعا في القدر وهما لا يعلمان ، فلما علما كيف ذلك اجتمعا فيه على أمر واحد كما كانا لا يعلمان أمورا كثيرة من أمر الدين وأمر التوحيد حتى أعلمهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل الكتاب وحددت السنن فعلما بعد ذلك .

        على أن الحديث عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - عند أهل الحديث ضعيف يرويه إسماعيل بن عبد السلام ، عن زيد بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، ويرويه رجل من أهل خراسان ، عن مقاتل بن حيان ، عن عمرو بن شعيب ، وهؤلاء لا يعرف أكثرهم .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية