الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم

                                                                                                                                                                                                                                      وتلك إشارة إلى ما احتج به إبراهيم عليه السلام من قوله تعالى : " فلما جن " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : من قوله : " أتحاجوني " إلى قوله " مهتدون " ، وما في اسم الإشارة من معنى البعد ، لتفخيم شأن المشار إليه والإشعار بعلو طبقته وسمو منزلته [ ص: 157 ] في الفضل ، وهو مبتدأ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : حجتنا خبره ، وفي إضافتها إلى نون العظمة من التفخيم ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : آتيناها إبراهيم ; أي : أرشدناه إليها أو علمناه إياها ، في محل النصب على أنه حال من " حجتنا " ، والعامل فيها معنى الإشارة ، كما في قوله تعالى : فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ، أو في محل الرفع على أنه خبر ثان ، أو هو الخبر ، و" حجتنا " بدل أو بيان للمبتدأ ، و" إبراهيم " مفعول أول لآتينا ، قدم عليه الثاني لكونه ضميرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : على قومه متعلق بحجتنا إن جعل خبرا لتلك ، أو بمحذوف إن جعل بدلا ; أي : آتينا إبراهيم حجة على قومه ، وقيل : بقوله : " آتينا " .

                                                                                                                                                                                                                                      نرفع بنون العظمة ، وقرئ بالياء على طريق الالتفات ، وكذا الفعل الآتي .

                                                                                                                                                                                                                                      درجات ; أي : رتبا عظيمة عالية من العلم والحكمة ، وانتصابها على المصدرية ، أو الظرفية ، أو على نزع الخافض ; أي : إلى درجات ، أو على التمييز ، والمفعول .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : من نشاء وتأخيره على الوجوه الثلاثة الأخيرة لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ، ومفعول المشيئة محذوف ; أي : من نشاء ، رفعه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة ، وإيثار صيغة الاستقبال للدلالة على أن ذلك سنة مستمرة ، جارية فيما بين المصطفين الأخيار غير مختصة بإبراهيم عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ بالإضافة إلى من ، والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها ، لا محل لها من الإعراب . وقيل : هي في محل النصب على أنها حال من فاعل آتينا ; أي : حال كوننا رافعين ... إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      إن ربك حكيم في كل ما فعل من رفع وخفض .

                                                                                                                                                                                                                                      عليم بحال من يرفعه ، واستعداده له على مراتب متفاوتة ، والجملة تعليل لما قبلها ، وفي وضع الرب مضافا إلى ضميره عليه السلام موضع نون العظمة بطريق الالتفات في تضاعيف بيان أحوال إبراهيم عليه السلام ، إظهار لمزيد لطف وعناية به عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية