الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  باب الحجر وبعضه من الكعبة

                                                                  9147 عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : لما كان أهل الشام في الجيش الأول جيش الحصين بن نمير حرق الرجل من نحو باب بني جمح ، والمسجد يومئذ ملآن خياما وأبنية ، فسار الحريق حتى أحرق البيت ، فأحرق كل شيء عليه ويحرد حتى إذ طائرا ليقع عليه فتنتثر حجارته ، قال ابن جريج : قال لي رجل من قريش يقال له محمد بن المرتفع قال : " فوالله إنا لنصلي ذات ليلة العشاء وراء ابن الزبير ، إذا رأيت في جوف البيت ورأينا من خل الباب ، فلما انصرف ابن الزبير قال : هل رأيتم ؟ قلنا : نعم قال : فأجمع ابن الزبير لهدمه وبنائه ، فأرسل إلي كذا وكذا بعيرا يحمل الورس من اليمن ، وذكر أربعة آلاف بعير ، وشيئا سماه ، يريد أن [ ص: 125 ] يجعله مدرا للبيت ، ثم قيل له إن الورس يعفن ويرفت ، فقسم الورس في نساء قريش وقواعدهن ، وبنى بالقصة فأرسل إليه ابن عباس - لما أحضر حاجته - : إن كنت فاعلا فلا تدع الناس لا قبلة لهم ، اجعل على زواياها صواري ، واجعل عليها ستورا يصلي الناس إليها ، ففعل حتى إذا كان يوم الأحد [ صعد ] على المنبر ثم قال : يا أيها الناس ، ما ترون في هدم البيت ، فلم يختلف عليه أحد ، فقالوا : نرى أن لا تهدمه ، فسكت عنهم حتى إذا انتفد رأيهم قال : يظل أحدكم يسد أسه على رأسه ، وأنتم ترون الطائر يقع عليه فتنتثر حجارته ، ألا إني هادم غدا ، ووافق ذلك جنازة رجل من بني بكر ، فاتبعها من كان يريد اتباعها ومن كان لا يريد اتباعها ، وكسرت له وسادة عند المقام ، ثم علاه رجال من وراء الستور ، وفرغ الناس من جنازتهم ، فالذاهب في منى والذاهب في بئر ميمون ، لا يرون إلا أنه سيصيبهم صاخة من [ ص: 126 ] السماء ، [ فلما ] أتي الناس فقيل : ادخلوا فقد والله هدم ، دخل الناس ، وحفر حتى هدمها عن ربض في الحجر ، فإذا هو آخذ بعضه ببعض لا يستحق فدعا مكبرة قريش ، فأراهم إياه ، وأخذ ابن مطيع العتلة من شق الربض الذي يلي دار بني حميد ، فأنفضه أجمع أكتع ، ثم بناها حتى سماها ، وجعل لها بابين موضوعين في الأرض شرقيا وغربيا يدخل الناس من هذا الباب ، ويخرجون من هذا ، فبناها ، فلما فرغ من بنائها كان في المسجد حفرة منكرة وجراثيم وقعاد ، فآب الناس إلى بطحه فجعل الرجل يبطح على مائة بعير وادي من ذلك ، حتى إن الرجل ليخرج في حلته وقميصه إلى ذي طوى ، فيأتي في طرف ردائه ببطحاء ، يحتسب في ذلك الخير حتى إذا مل الناس أخذ يقوته [ ص: 127 ] فبطح حتى استوى ، فقال : يا أيها الناس ، إني أرى أن تعتمروا من التنعيم مشاة فمن كان موسرا بجزور نحرها وإلا فبقرة ، وإلا فشاة قال : فذكرت يوم القيامة من كثرة الناس ، دبت الأرض سهلها وجبلها ، ناسا كبارا وناسا صغارا ، وعذارى ، وثيبا ، ونساء ، والحلق قال : فأتينا البيت فطفنا معه وسعينا بين الصفا والمروة ، ثم نحرنا وذبحنا فما رأيت الرءوس والكرعان والأذرع في مكان أكثر منها يومئذ " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية