الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل واليمين التي تجب بها الكفارة ( واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث ) فيها ( هي اليمين بالله تعالى نحو : والله وبالله وتالله ) أو بصفة من صفاته تعالى نحو :

                                                                                                                      ( والرحمن والقديم الأزلي وخالق الخلق ورازق العالمين ورب العالمين والعالم بكل شيء ورب السموات والأرض والحي الذي لا يموت ، والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء ونحوه مما لا يسمى به غيره ) لقوله تعالى { مالك يوم الدين } لأن صفات الله تعالى قديمة فكان الحلف بها موجبا للكفارة بالله تعالى ( أو ) ب ( صفة من صفاته كوجه الله وعظمته وعزته وإرادته وقدرته وعلمه وجبروته ) صفة مبالغة في الجبر أي القهر والغلبة ( ونحوه ) فينعقد الحلف بهذه ( حتى ولو نوى مقدوره ومعلومه ومراده ) أو لم يقصد اليمين لأن ذلك صريح في مقصوده فلم يفتقر إلى نية كصريح الطلاق ونحوه ( وأما ما يسمى به غيره تعالى وإطلاقه ينصرف إلى الله ) تعالى ( كالعظيم والرحيم والرب والمولى والرازق فإن نوى به الله ) تعالى ( أو أطلق كان يمينا ) لأنه بإطلاقه ينصرف إليه تعالى .

                                                                                                                      ( فإن نوى ) به ( غيره ) تعالى ( فليس بيمين ) لأنه يستعمل في غيره قال تعالى { ارجع إلى ربك } { فارزقوهم منه } { بالمؤمنين رءوف رحيم } [ ص: 231 ] والمولى المعتق والقادر باكتسابه وحيث أراد به غيره تعالى لم يبق يمينا لعدم تناوله لما يوجب القسم ( وما لا يعد من أسمائه ) تعالى ( ولا ينصرف إطلاقه إليه ويحتمله ) تعالى ( كالشيء والموجود والحي والعالم والمؤمن والواحد والمكرم والشاكر فإن لم ينو به الله ) .

                                                                                                                      لم يكن يمينا ( أو نوى ) به ( غيره ) أي غير الله تعالى ( لم يكن يمينا ) لأن الحلف الذي يجب به الكفارة لم يقصد ولا اللفظ ظاهر في إرادته ، فوجب أن لا يترتب عليه على الحالف بالله تعالى ( وإن نواه ) أي نوى به الله تعالى ( كان يمينا ) لأنه نوى بلفظه ما يحتمله فكان يمينا كقوله : والرحيم والقادر ( وإن قال وحق الله وعهد الله واسم الله وأيمن - جمع يمين - وأمانة الله وميثاقه وجلاله ونحوه ) نحو عظمته .

                                                                                                                      ( فهو يمين ) تجب فيها الكفارة بشرط الحنث لإضافتها إليه سبحانه واسم كايمن وهمزته همزة وصل تفتح وتكسر وميمه مضمومة وقالوا ايمن الله بضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها .

                                                                                                                      وقال الكوفيون ألفها ألف قطع وهي جمع يمين فكانوا يحلفون باليمين فيقولون ويمين الله قاله أبو عبيد وهو مشتق من اليمن والبركة ( وكذا ) قوله ( علي عهد الله وميثاقه ) يكون يمينا لما تقدم .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية