الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولوطا إذ قال لقومه الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن عساكر ، عن سليمان بن صرد قال : أبو لوط هو عم إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : أرسل لوط إلى المؤتفكات ، وكانت قرى لوط أربع مدائن ؛ سدوم ، وأمورا وعامورا وصبوير ، وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل ، وكانت أعظم مدائنهم سدوم ، وكان لوط يسكنها ، وهي من بلاد الشام ، ومن فلسطين مسيرة يوم وليلة ، وكان إبراهيم خليل الرحمن عم لوط بن هاران بن تارخ ، وكان إبراهيم ينصح قوم لوط ، وكان الله قد أمهل قوم لوط ، فخرقوا حجاب الإسلام ، وانتهكوا المحارم ، وأتوا الفاحشة الكبرى ، فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم [ ص: 466 ] لوط فينصحهم فيأبون أن يقبلوا ، فكان بعد ذلك يجيء على حماره فينظر إلى سدوم فيقول : يا سدوم ، أي يوم لك من الله ! سدوم إنما أنهاكم ألا تتعرضوا لعقوبة الله ، حتى بلغ الكتاب أجله ، فبعث الله جبريل في نفر من الملائكة ، فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم وهو في زرع له يثير الأرض ، كلما بلغ الماء إلى مسكنه من الأرض ركز مسحاته في الأرض ، فصلى خلفها ركعتين ، فنظرت الملائكة إلى إبراهيم فقالوا : لو كان الله ينبغي أن يتخذ خليلا لاتخذ هذا العبد خليلا ، ولا يعلمون أن الله قد اتخذه خليلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي"، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وابن عساكر ، عن ابن عباس في قوله : أتأتون الفاحشة قال : أدبار الرجال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي ، وابن عساكر ، عن عمرو بن دينار في قوله : ما سبقكم بها من أحد من العالمين [ ص: 467 ] قال : ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي ، وابن عساكر ، عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه ، قال : "كان اللواط في قوم لوط في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، وابن عساكر ، عن طاوس ، أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها قال : إنما بدء قوم لوط ذاك ، صنعه الرجال بالنساء ، ثم صنعه الرجال بالرجال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "سننه" ، عن علي أنه قال على المنبر : سلوني ، فقال ابن الكواء : تؤتى النساء في أعجازهن ؟ فقال علي : سفلت سفل الله بك ، ألم تسمع إلى قوله : أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر ، عن ابن عباس قال : كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء ، أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم ، وثمار خارجة على ظهر الطريق ، وأنهم أصابهم قحط ، وقلة من [ ص: 468 ] الثمار ، فقال بعضهم لبعض : إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش ، قالوا : بأي شيء نمنعها قالوا : اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريبا سننتم فيه أن تنكحوه وأغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك ، فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الحدث العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر ، من طريق محمد بن إسحاق ، عن بعض رواة ابن عباس قال : إنما كان بدء عمل قوم لوط أن إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي أجمل صبي رآه الناس فدعاهم إلى نفسه فنكحوه ، ثم جروا على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، وأبو الشيخ ، والبيهقي ، وابن عساكر ، عن حذيفة قال : إنما حق القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء ، والرجال بالرجال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، وابن عساكر ، عن أبي حمزة قال : قلت لمحمد بن علي : عذب الله نساء قوم لوط بعمل رجالهم ؟ قال : الله أعدل من ذلك ؛ استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن عباس في قوله : [ ص: 469 ] إنهم أناس يتطهرون قال : من أدبار الرجال ، ومن أدبار النساء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : إنهم أناس يتطهرون قال : من أدبار الرجال وأدبار النساء استهزاء بهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير وأبو الشيخ ، عن قتادة إنهم أناس يتطهرون قال : عابوهم بغير عيب ، وذموهم بغير ذم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : إلا امرأته كانت من الغابرين قال : من الباقين في عذاب الله وأمطرنا عليهم مطرا . قال : أمطر الله على بقايا قوم لوط حجارة من السماء فأهلكتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر ، عن الزهري ، أن لوطا لما عذب الله قومه لحق بإبراهيم فلم يزل معه حتى قبضه الله إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن كعب في قوله : وأمطرنا عليهم مطرا . قال : [ ص: 470 ] على أهل بواديهم ، وعلى رعائهم ، وعلى مسافريهم ، فلم ينفلت منهم أحد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن وهب في قوله : وأمطرنا عليهم مطرا قال : الكبريت والنار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن سعيد بن أبي عروبة قال : كان قوم لوط أربعة آلاف ألف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في "الشعب" ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لعن الله من تولى غير مواليه ، ولعن الله من غير تخوم الأرض ، ولعن الله من كمه أعمى عن السبيل ، ولعن الله من لعن والديه ، ولعن الله من ذبح لغير الله ، ولعن الله من وقع على بهيمة ، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط " ، ثلاث مرات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، وابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" ، والبيهقي ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن من أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط" . [ ص: 471 ] وأخرج ابن عدي ، والبيهقي ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أربعة يصبحون في غضب الله ، ويمسون في سخط الله " ، قيل : من هم يا رسول الله؟ قال : "المتشبهون من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال ، والذي يأتي البهيمة ، والذي يأتي الرجل" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن أبي الدنيا ، والدارقطني ، وابن الجارود في "المنتقى" والحاكم وصححه ، والبيهقي ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا والبيهقي ، عن أبي نضرة ، أن ابن عباس سئل ما حد اللوطي ؟ قال : ينظر أعلى بناء في القرية فيلقى منه منكسا ، ثم يتبع بالحجارة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن يزيد بن قيس : أن عليا رجم لوطيا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 472 ] وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن ابن شهاب قال : اللوطي يرجم ، أحصن أم لم يحصن ، سنة ماضية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن إبراهيم قال : لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لرجم اللوطي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر ، قال : عليه الرجم قتلة قوم لوط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن الحسن وإبراهيم قالا : حد اللوطي حد الزاني ؛ إن كان قد أحصن فالرجم ، وإلا فالحد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول من اتهم بالأمر القبيح - يعني عمل قوم لوط - اتهم به رجل على عهد عمر رضي الله عنه ، فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يجالسوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن الوضين بن عطاء ، عن بعض التابعين قال : كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى الغلام الجميل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 473 ] وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن بقية قال بعض التابعين : ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن الحسن بن ذكوان قال : لا تجالس أولاد الأغنياء ؛ فإن لهم صورا كصور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن النجيب بن السري قال : كان يقال : لا يبيت الرجل في بيت مع المرد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي ، عن عبد الله بن المبارك قال : دخل سفيان الثوري الحمام ، فدخل عليه غلام صبيح ، فقال : أخرجوه ؛ فإني أرى مع كل امرأة شيطانا ، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والحكيم الترمذي والبيهقي ، عن ابن سيرين قال : ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن أبي سهل قال : سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم : اللوطيون . على ثلاثة أصناف ؛ صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي ، عن مجاهد قال : لو أن الذي يعمل ذلك [ ص: 474 ] العمل - يعني عمل قوم لوط - اغتسل بكل قطرة في السماء ، وكل قطرة في الأرض ، لم يزل نجسا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، عن جابر بن زيد قال : حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه ، والبيهقي في "الشعب" ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لعن الله سبعة من خلقه فوق سبع سماوات ، فردد لعنته على واحدة منها ثلاثا ، ولعن بعد كل واحدة لعنة لعنة؛ قال : ملعون ، ملعون ، ملعون من عمل عمل قوم لوط ، ملعون من أتى شيئا من البهائم ، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها ، ملعون من عق والديه ، ملعون من ذبح لغير الله ، ملعون من غير حدود الأرض ، ملعون من تولى غير مواليه . "

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه ، والحاكم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من عمل عمل قوم لوط فارجموا الفاعل والمفعول به" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة معا في "المصنف" ، وأبو داود ، عن ابن عباس في البكر يؤخذ على اللوطية ، قال : يرجم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 475 ] وأخرج عبد الرزاق ، عن عائشة أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم حزينا ، فقالت : يا رسول الله ، وما الذي يحزنك ؟ قال : "شيء تخوفته على أمتي ؛ أن يعملوا بعدي بعمل قوم لوط" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، عن أبي حصين ، أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار ، فقال : أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربعة ؛ رجل قتل فقتل ، أو رجل زنى بعد ما أحصن ، أو رجل ارتد بعد إسلامه ، أو رجل عمل عمل قوم لوط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن سالم بن عبد الله ، وأبان بن عثمان، وزيد بن حسن ، أن عثمان بن عفان أتي برجل قد فجر بغلام من قريش ، فقال عثمان : أحصن؟ قالوا : قد تزوج بامرأة ولم يدخل بها بعد . فقال علي لعثمان : لو دخل بها لحل عليه الرجم ، فأما إذا لم يدخل بأهله فاجلده الحد . فقال أبو أيوب : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذي ذكر أبو الحسن . فأمر عثمان فجلد مائة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية