الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب إطالة الإمام الركعة الأولى وانتظار من أحس به داخلا ليدرك الركعة فيه عن أبي قتادة وقد سبق .

                                                                                                                                            1049 - ( عن أبي سعيد : لقد { كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ، ثم يتوضأ ، ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها } رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي ) .

                                                                                                                                            1050 - ( وعن محمد بن جحادة عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى { أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم } رواه أحمد وأبو داود ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث أبي قتادة تقدم مع شرحه في باب السورة بعد الفاتحة في الأوليين من أبواب صفة الصلاة ، وفيه بعد ذكر أنه كان يطول في الأولى قال : فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى . وحديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أيضا البزار وسياقه أتم ، وفي إسناده رجل مجهول لا يعرف ، وسماه بعضهم طرفة الحضرمي وهو مجهول كما قال الأذرعي وفيه وفي حديث أبي قتادة وأبي سعيد مشروعية التطويل في الركعة الأولى من صلاة الظهر وغيرها ، وقد قدمنا الكلام على ذلك في أبواب صفة الصلاة .

                                                                                                                                            وقد استدل القائلون بمشروعية تطويل الركعة الأولى لانتظار الداخل ليدرك فضيلة الجماعة بتلك الرواية [ ص: 166 ] التي ذكرناها من حديث أبي قتادة ، أعني قوله : " فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى " . واستدلوا أيضا بحديث ابن أبي أوفى المذكور في الباب .

                                                                                                                                            وقد حكى استحباب ذلك ابن المنذر عن الشعبي والنخعي وأبي مجلز وابن أبي ليلى من التابعين . وقد نقل الاستحباب أبو الطيب الطبري عن الشافعي في الجديد .

                                                                                                                                            وفي التجريد للمحاملي نسبة ذلك إلى القديم وأن الجديد كراهته . وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وأبو يوسف وداود والهادوية إلى كراهة الانتظار ، واستحسنه ابن المنذر ، وشدد في ذلك بعضهم وقال : أخاف أن يكون شركا ، وهو قول محمد بن الحسن ، وبالغ بعض أصحاب الشافعي فقال : إنه مبطل للصلاة .

                                                                                                                                            وقال أحمد وإسحاق فيما حكاه عنهما ابن بطال : إن كان الانتظار لا يضر بالمأمومين جاز ، وإن كان مما يضر ففيه الخلاف . وقيل : إن كان الداخل ممن يلازم الجماعة انتظره الإمام وإلا فلا ، روى ذلك النووي في شرح المهذب عن جماعة من السلف . وقد استدل الخطابي في المعالم على الانتظار المذكور بحديث أنس المتقدم في الباب الأول في التخفيف عند سماع بكاء الصبي فقال : فيه دليل على أن الإمام وهو راكع إذا أحس بداخل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعا ليدرك فضيلة الركعة في الجماعة ، لأنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة إنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى ، بل هو أحق بذلك وأولى ، وكذلك قال ابن بطال .

                                                                                                                                            وتعقبهما ابن المنير والقرطبي : بأن التخفيف ينافي التطويل فكيف يقاس عليه ؟ قال ابن المنير : وفيه مغايرة للمطلوب ; لأن فيه إدخال مشقة على جماعة لأجل واحد ، وهذا لا يرد على أحمد وإسحاق لتقييدهما الجواز بعدم الضر للمؤتمين كما تقدم . وما قالاه هو أعدل المذاهب في المسألة ، وبمثله قال أبو ثور . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية