الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 209 ] القول في تأويل قوله ( كل من عند ربنا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : " كل من عند ربنا " كل المحكم من الكتاب والمتشابه منه " من عند ربنا " وهو تنزيله ووحيه إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - كما : -

6643 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : " كل من عند ربنا " قال : يعني ما نسخ منه وما لم ينسخ .

6644 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " قالوا : " كل من عند ربنا " آمنوا بمتشابهه ، وعملوا بمحكمه .

6645 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قوله : " كل من عند ربنا " يقولون : المحكم والمتشابه من عند ربنا .

6646 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " نؤمن بالمحكم وندين به ، ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به ، وهو من عند الله كله .

6647 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : " والراسخون في العلم " يعملون به ، يقولون : نعمل بالمحكم ونؤمن به ، ونؤمن بالمتشابه ولا نعمل به ، وكل من عند ربنا . [ ص: 210 ]

قال أبو جعفر : واختلف أهل العربية في حكم " كل " إذا أضمر فيها . فقال بعض نحويي البصريين : إنما جاز حذف المراد الذي كان معها الذي " الكل " إليه مضاف في هذا الموضع ، لأنها اسم ، كما قال : ( إنا كل فيها ) [ سورة غافر : 48 ] ، بمعنى : إنا كلنا فيها . قال : ولا يكون " كل " مضمرا فيها وهي صفة ، لا يقال : " مررت بالقوم كل " وإنما يكون فيها مضمر إذا جعلتها اسما . لو كان : " إنا كلا فيها " على الصفة لم يجز ، لأن الإضمار فيها ضعيف لا يتمكن في كل مكان .

وكان بعض نحويي الكوفيين يرى الإضمار فيها وهي صفة أو اسم سواء . لأنه غير جائز أن يحذف ما بعدها عنده إلا وهي كافية بنفسها عما كانت تضاف إليه من المضمر ، وغير جائز أن تكون كافية منه في حال ، ولا تكون كافية في أخرى . وقال : سبيل " الكل " و " البعض " في الدلالة على ما بعدهما بأنفسهما وكفايتهما منه بمعنى واحد في كل حال ، صفة كانت أو اسما .

قال أبو جعفر : وهذا القول الثاني أولى بالقياس ؛ لأنها إذا كانت كافية بنفسها مما حذف منها في حال لدلالتها عليها ، فالحكم فيها أنها كلما وجدت دالة على ما بعدها فهي كافية منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية