الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الثاني : التقاء الختانين ، وهو تغييب الحشفة في الفرج قبلا كان أو دبرا من آدمي أو بهيمة حي أو ميت .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الثاني : التقاء الختانين ) لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا جلس بين شعبها الأربع ، ثم جهدها ، فقد وجب الغسل أخرجه البخاري ، ومسلم ، وزاد هو ، وأحمد وإن لم ينزل وفي حديث عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا قعد بين شعبها الأربع ، ومس الختان الختان ، فقد وجب الغسل رواه مسلم ، وما روي عن عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير أنه لا يجب إلا بالإنزال ، لقوله : الماء من الماء . فمنسوخ بما روى أبي بن كعب [ ص: 182 ] قال : إن الفتيا التي كانوا يقولون : الماء من الماء ، رخص بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أمر بالاغتسال رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وصححه . قال الحافظ عبد الغني : إسناده صحيح على شرط الشيخين .

                                                                                                                          ثم المراد من التقائهما : تقابلهما وتحاذيهما فقال : ( وهو تغييب الحشفة ) الأصلية أو قدرها إن فقدت ، وإن لم ينزل ( في الفرج ) الأصلي بلا حائل ، وقيل : ومعه ، وإن لم يجد حرارة ليحترز به من الخنثى المشكل إذا أولج حشفته ، ولم ينزل في فرج أصلي ، أو أولج غير الخنثى ذكره من قبل الخنثى ، فلا غسل على واحد منهما ، لاحتمال كون الحشفة أو القبل خلقة زائدة ، ومن أنزل منهما وجب عليه الغسل ، وإن تواطأ خنثيان في قبليهما أو دبريهما فوجهان ، وقيل : إن قلنا : الزائد كأصلي وجب ، وإلا فلا ، وإن تواطأ رجل وخنثى في دبريهما اغتسل الرجل بيقين ، والأصح وجوبه على الخنثى احتياطا ، وظاهره أنه إذا مس الختان الختان من غير إيلاج فلا غسل ، كمن أولج بعض الحشفة ، وأنه لا فرق بين العالم والجاهل ، فلو مكث زمانا لم يصل احتاط في الصلاة ، ويعيد حتى يتيقن ، نص عليه ، لأنه مما اشتهرت به الأخبار فلم يعذر بالجهل ، والطائع والمكره ، لأن موجب الطهارة لا يشترط فيه القصد ، كسبق الحدث ، والنائم كاليقظان ( قبلا كان أو دبرا ) في المنصوص لوجود شرطه ، وقيل : على الواطئ ( من آدمي ) لما تقدم ، وكلامه شامل للبالغ وغيره ، قال الإمام أحمد : يجب على الصغير إذا وطئ ، والصغيرة إذا وطئت ، مستدلا بحديث عائشة ، والأصح : يلزمه إن أراد ما يتوقف على الغسل أو الوضوء ، أو مات قبل فعله شهيدا ، لكن القاضي صرح بعدم الوجوب ، مستدلا بعدم التكليف كالحائض ، [ ص: 183 ] وحمل كلام أحمد على الاستحباب ، ورده في " المغني " لكونه صرح بالوجوب ، ولعل الخلاف لفظي ، إذ مراده بالوجوب اشتراطه للصلاة ونحوها ، لا التأثيم بتأخيره ، ومراد القاضي بالاستحباب انتفاء إلزامه بذلك ، وشرط بعضهم لوجوبه مجامعة مثله ، وشرط بعضهم للذكر ابن عشر ، وللأنثى بنت تسع ، وظاهر إطلاق الأكثر عدم الاشتراط ( أو بهيمة ) حتى سمكة ، قاله القاضي في " الفروع " لأنه إيلاج في فرج أشبه الآدمية ، ولو غيبت امرأة حشفة بهيمة اغتسلت ، وإن كانت مقطوعة فلا ( حي أو ميت ) لما ذكرنا ، فيعاد غسل الميت ، وذهب جمع إلى أنه لا يجب بوطئها ، لأنه ليس بمقصود ، ورد بأنه ينتقض بالعجوز والشوهاء ، والمذهب : يجب على النائم ، والمجنون .

                                                                                                                          فرع : لو قالت امرأة : لي جني يجامعني كالرجل ، فلا غسل ، لعدم الإيلاج والاحتلام ، ذكره أبو المعالي ، وفيه نظر ، قال ابن الجوزي : في قوله تعالى لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان [ الرحمن : 74 ] فيه دليل على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي ، وفيه نظر ، لأنه لا يلزم من الغشيان الإيلاج لاحتمال أن يكون غشيانه عن ملابسة ببدنه خاصة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية