الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله قال الأخفش: فيه إضمار وتقديره: إلا أن تقول إن شاء الله ، وهذا وإن كان أمرا فهو على وجه التأديب والإرشاد أن لا تعزم على أمر إلا أن تقرنه بمشيئة الله تعالى لأمرين: أحدهما: أن العزم ربما صد عنه بمانع فيصير في وعده مخلفا في قوله كاذبا ، قال موسى عليه السلام ستجدني إن شاء الله صابرا [الكهف: 70] ولم يصبر ولم يكن كاذبا لوجود الاستثناء في كلامه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: إذعانا لقدرة الله تعالى ، وإنه مدبر في أفعاله بمعونة الله وقدرته.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 299 ] الثالث: يختص بيمينه إن حلف وهو سقوط الكفارة عنه إذا حنث. واذكر ربك إذا نسيت فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنك إذا نسيت الشيء فاذكر الله ليذكرك إياه ، فإن فعل فقد أراد منك ما ذكرك ، وإلا فسيدلك على ما هو أرشد لك مما نسيته ، قاله بعض المتكلمين.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: واذكر ربك إذا غضبت ، قاله عكرمة ، ليزول عنك الغضب عند ذكره.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: واذكر ربك إذا نسيت الاستثناء بمشيئة الله في يمينك. وفي الذكر المأمور به قولان: أحدهما: أنه ما ذكره في بقية الآية وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا الثاني: أنه قول إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه. واختلفوا في ثبوت الاستثناء بعد اليمين على خمسة أقاويل: أحدها: أنه يصح الاستثناء بها إلى سنة ، فيكون كالاستثناء بها مع اليمين في سقوط الكفارة ولا يصح بعد السنة ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يصح الاستثناء بها في مجلس يمينه ، ولا يصح بعد فراقه ، قاله الحسن وعطاء.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: يصح الاستثناء بها ما لم يأخذ في كلام غيره.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: يصح الاستثناء بها مع قرب الزمان ، ولا يصح مع بعده.

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: أنه لا يصح الاستثناء بها إلا متصلا بيمينه وهو الظاهر من مذهب مالك والشافعي رحمهما الله.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية