الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم [59]

                                                                                                                                                                                                                                        الفاء تدل على أن الثاني بعد الأول يا قوم نداء مضاف، ويجوز: (يا قومي) على الأصل اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هذه قراءة أبي عمرو وشيبة ونافع وعاصم وحمزة ، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي وأبو جعفر (غيره) بالخفض، وهو اختيار أبي عبيد .

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو عمرو : ولا أعرف الجر ولا النصب، وقال عيسى بن عمر : النصب والجر جائزان.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : والرفع من جهتين:

                                                                                                                                                                                                                                        إحداهما أن يكون (غير) في موضع (إلا) فتقول: (ما لكم إله إلا الله) و(ما لكم إله غير الله) فعلى هذا الوجه لا يجوز الخفض، لا يجوز: (ما جاءني من أحد إلا زيد) لأن من لا يكون إلا في الواجب.

                                                                                                                                                                                                                                        قال سيبويه : لأن (على) و(عن) لا يفعل بهما ذلك، أي: لا يزاد (أن) البتة، ثم قال: ولا (من) في الواجب.

                                                                                                                                                                                                                                        والوجه الآخر في الرفع أن يكون نعتا على الموضع، أي: (ما لكم إله غيره) والخفض على اللفظ، ويجوز النصب على الاستثناء وليس بكثير، غير أن الكسائي والفراء أجازا [ ص: 135 ] نصب (غير) في كل موضع يحسن فيه (إلا) في موضعها تم الكلام أو لم يتم، وأجازا: (ما جاءني غيرك) قال الفراء : هي لغة بعض بني أسد وقضاعة، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                        154 - لم يمنع الشرب منها غير أن هتفت حمامة في سحوق ذات أوقال



                                                                                                                                                                                                                                        قال الكسائي : ولا يجوز: جاءني غيرك؛ لأن إلا لا يقع ههنا.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : لا يجوز عند البصريين نصب (غير) إذا لم يتم الكلام، وذلك عندهم من أقبح اللحن.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو إسحاق : وإنما استهواه - يعني الفراء - البيت الذي أنشده سيبويه منصوبا، وإنما نصب (غير) في البيت؛ لأنها مضافة إلى ما لا إعراب فيه، فأما: (ما جاءني غيرك) فلحن وخطأ.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية