الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة وغسل أحدهما بفضل الآخر

                                                                                                                319 وحدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة [ ص: 5 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 5 ] باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة

                                                                                                                " وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد

                                                                                                                في حالة واحدة وغسل أحدهما بفضل الآخر "

                                                                                                                أجمع المسلمون على أن الماء الذي يجزئ في الوضوء والغسل غير مقدر ، بل يكفي فيه القليل والكثير إذا وجد شرط الغسل وهو جريان الماء على الأعضاء . قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : وقد يرفق بالقليل فيكفي ، ويخرق بالكثير فلا يكفي .

                                                                                                                قال العلماء : والمستحب ألا ينقص في الغسل عن صاع ، ولا في الوضوء عن مد . والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي ، والمد رطل وثلث . ذلك معتبر على التقريب لا على التحديد ، وهذا هو الصواب المشهور . وذكر جماعة من أصحابنـا وجها لبعض أصحابنا أن الصاع هنا ثمانية أرطال ، والمد رطلان . وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر ، والأظهر أنه مكروه كراهة تنزيه . وقال بعض أصحابنا : الإسراف حرام . والله أعلم .

                                                                                                                وأما تطهير الرجل والمرأة من إناء واحد فهو جائز بإجماع المسلمين لهذه الأحاديث التي في الباب . وأما تطهير المرأة بفضل الرجل فجائز بالإجماع أيضا . وأما تطهير الرجل بفضلها فهو جائز عندنا وعند مالك وأبي حنيفة وجماهير العلماء ، سواء خلت به أو لم تخل .

                                                                                                                قال بعض أصحابنا : ولا كراهة في ذلك للأحاديث الصحيحة الواردة به . وذهب أحمد بن حنبل وداود إلى أنها إذا خلت بالماء واستعملته لا يجوز للرجل استعمال فضلها ، وروي هذا عن عبد الله بن سرجس والحسن البصري ، وروي عن أحمد - رحمه الله تعالى - كمذهبنا ، وروي عن الحسن وسعيد بن المسيب كراهة فضلها مطلقا . والمختار ما قاله الجماهير لهذه الأحاديث الصحيحة في تطهيره - صلى الله عليه وسلم - مع أزواجه ، وكل واحد منهما يستعمل فضل صاحبه ، ولا تأثير للخلوة .

                                                                                                                وقد ثبت في الحديث الآخر أنه - صلى الله عليه وسلم - اغتسل بفضل [ ص: 6 ] بعض أزواجه . رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأصحاب السنن . قال الترمذي : هو حديث حسن صحيح .

                                                                                                                وأما الحديث الذي جاء بالنهي وهو حديث الحكم بن عمرو فأجاب العلماء عنه بأجوبة : أحدها أنه ضعيف ، ضعفه أئمة الحديث منهم البخاري وغيره ، الثاني أن المراد النهي عن فضل أعضائها وهو المتساقط منها ، وذلك مستعمل ، الثالث أن النهي للاستحباب والأفضل . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( الفرق ) قال سفيان : هو ثلاثة آصع . أما كونه ثلاثة آصع فكذا قاله الجماهير ، وهو بفتح الفاء وفتح الراء وإسكانها ، لغتان حكاهما ابن دريد وجماعة غيره والفتح أفصح وأشهر ، وزعم الباجي أنه الصواب . وليس كما قال بل هما لغتان .



                                                                                                                الخدمات العلمية