الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل ثناؤه - : واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت ؛ [ ص: 384 ] السؤال على ضربين؛ فأحد الضربين أن تسأل لتستخبر عما لا تعلم لتعلم؛ والضرب الثاني أن تسأل مستخبرا على وجه التقرير؛ فتقول للرجل : " أنا فعلت كذا؟ " ; وأنت تعلم أنك لم تفعل؛ فإنما تسأله لتقرره؛ وتوبخه؛ فمعنى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل أهل الكتاب عن أهل هذه القرية - وقد أخبر الله - جل ثناؤه - بقصتها - ليقررهم بقديم كفرهم؛ وأن يعلمهم ما لا يعلم إلا بكتاب؛ أو وحي؛ إذ يعدون في السبت ؛ أي : إذ يظلمون في السبت؛ يقال : " عدا فلان؛ يعدو؛ عدوانا؛ وعداء؛ وعدوا؛ وعدوا " ؛ إذا ظلم؛ وقوله : إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم ؛ " حيتان " : جمع " حوت " ؛ وأكثر ما تسمي العرب السمك " الحيتان " ؛ و " النينان " .

                                                                                                                                                                                                                                        إذ يعدون في السبت ؛ موضع " إذ " ؛ نصب؛ المعنى : " سلهم عن عدوهم في السبت؛ أي : سلهم عن وقت ذلك؛ " إذ تأتيهم " ؛ في موضع نصب أيضا بـ " يعدون " ؛ المعنى : سلهم إذ عدوا في وقت الإتيان؛ شرعا ؛ أي : ظاهرة؛ وكانت الحيتان تأتي ظاهرة؛ فكانوا يحتالون بحبسها في يوم السبت؛ ثم يأخذونها في يوم الأحد؛ ويقال : إنهم جاهروا بأخذها في يوم السبت. [ ص: 385 ] وقوله : كذلك نبلوهم ؛ أي : مثل هذا الاختبار الشديد نختبرهم؛ وموضع الكاف نصب بقوله : نبلوهم بما كانوا يفسقون ؛ أي : شددت عليهم المحنة بفسقهم؛ ويحتمل - على بعد - أن يكون : ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك ؛ أي : لا تأتيهم شرعا؛ ويكون " نبلوهم " ؛ مستأنفة؛ وذلك القول الأول قول الناس؛ وهو الجيد.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية