الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب فكان قاب قوسين أو أدنى حيث الوتر من القوس

                                                                                                                                                                                                        4575 حدثنا أبو النعمان حدثنا عبد الواحد حدثنا الشيباني قال سمعت زرا عن عبد الله فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال حدثنا ابن مسعود أنه رأى جبريل له ست مائة جناح

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب فكان قاب قوسين أو أدنى حيث الوتر من القوس ) تقدم هذا التفسير قريبا عن مجاهد ، وثبتت هذه الترجمة لأبي ذر وحده ، وهي عند الإسماعيلي أيضا . والقاب ما بين القبضة والسية من القوس ، قال الواحدي : هذا قول جمهور المفسرين أن المراد القوس التي يرمى بها . قال : وقيل المراد بها الذراع لأنه يقاس بها الشيء .

                                                                                                                                                                                                        قلت : وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح ، فقد أخرج ابن مردويه بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : القاب القدر ، والقوسين الذراعان . ويؤيده أنه لو كان المراد به القوس التي يرمى بها لم يمثل بذلك ليحتاج إلى التثنية ، فكان يقال مثلا : قاب رمح أو نحو ذلك . وقد قيل إنه على القلب والمراد : فكان قابي قوس ، لأن القاب ما بين المقبض إلى السية ، فلكل قوس قابان بالنسبة إلى خالفته . وقوله " أو أدنى " أي أقرب . قال الزجاج : خاطب الله العرب بما ألفوا ، والمعنى فيما تقدرون أنتم عليه ، والله تعالى عالم بالأشياء على ما هي عليه لا تردد عنده . وقيل " أو " بمعنى " بل " والتقرير بل هو أقرب من القدر المذكور ، وسيأتي بيان الاختلاف في معنى قوله " فتدلى " في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا عبد الواحد ) هو ابن زياد ، وسليمان هو الشيباني ، وزر هو ابن حبيش .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن عبد الله فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال : حدثنا ابن مسعود أنه رأى جبريل ) هكذا أورده ، والمراد بقوله " عن عبد الله " وهو ابن مسعود أنه قال في تفسير هاتين الآيتين ما سأذكره ، ثم استأنف فقال : " حدثنا ابن مسعود " وليس المراد أن ابن مسعود حدث عبد الله كما هو ظاهر السياق ، بل عبد الله هو ابن مسعود . وقد أخرجه في الباب الذي يليه من وجه آخر عن الشيباني فقال : سألت زرا عن قوله ، فذكره . ولا إشكال في سياقه . وقد أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " من طريق سليمان بن داود الهاشمي عن عبد الواحد بن زياد عن الشيباني قال : " سألت زر بن حبيش عن قول الله فكان قاب قوسين أو أدنى فقال : قال عبد الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فذكره .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية