الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في التفاخر بالأحساب

                                                                      5116 حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا المعافى ح و حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني أخبرنا ابن وهب وهذا حديثه عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن

                                                                      التالي السابق


                                                                      قال في القاموس الفخر ويحرك والفخار والفخارة التمدح بالخصال كافتخار وتفاخر وأفخر بعضهم على بعض ، انتهى والأحساب جمع حسب وهو ما تعده من مفاخر آبائك

                                                                      وهذا حديثه أي حديث أحمد بن سعيد ( عبية الجاهلية ) بضم العين [ ص: 18 ] المهملة وكسر الموحدة المشددة وفتح المثناة التحتية المشددة أي فخرها وتكبرها ونخوتها

                                                                      قال الخطابي : العبية الكبر والنخوة وأصله من العب وهو الثقل ، يقال عبية وعبية بضم العين وكسرها مؤمن تقي وفاجر شقي قال الخطابي : معناه أن الناس رجلان مؤمن تقي فهو الخير الفاضل وإن لم يكن حسيبا في قومه وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفا رفيعا انتهى

                                                                      وقيل معناه أن المفتخر المتكبر إما مؤمن تقي فإذن لا ينبغي له أن يتكبر على أحد أو فاجر شقي فهو ذليل عند الله ، والذليل لا يستحق التكبر فالتكبر منفي بكل حال أنتم بنو آدم وآدم من تراب أي فلا يليق بمن أصله التراب النخوة والكبر ليدعن بلام مفتوحة في جواب قسم مقدر أي والله ليتركن كذا قيل إنما هم أي أقوام أو ليكونن بضم النون الأولى والضمير الفاعل العائد إلى رجال وهو واو الجمع محذوف من ليكونن والمعنى ليصيرن أهون أي أذل على الله أي عنده من الجعلان بكسر الجيم وسكون العين جمع جعل بضم ففتح دويبة سوداء تدير الخراء بأنفها التي تدفع بأنفها النتن أي : العذرة

                                                                      قال العلامة الدميري في حياة الحيوان الجعل كصرد ورطب وجمعه جعلان بكسر الجيم والعين ساكنة وهو يجمع الجعر اليابس ويدخره في بيته وهو دويبة معروفة تعض [ ص: 19 ] البهائم في فروجها فتهرب شديد السواد في بطنه لون حمرة يوجد كثيرا في مراح البقر والجواميس ومواضع الروث ومن شأنه جمع النجاسة وادخارها ومن عجيب أمره أنه يموت من ريح الورد وريح الطيب فإذا أعيد إلى الروث عاش ومن عادته أن يحرس النيام فمن قام لقضاء حاجته تبعه وذلك من شهوته للغائط لأنه قوته

                                                                      وأخرج الترمذي في سننه وهو آخر حديث في جامعه قبل العلل حدثنا محمد بن بشار أخبرنا أبو عامر العقدي أخبرنا هشام بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخراء بأنفه الحديث هذا حديث حسن حدثنا هارون بن موسى بن أبي علقمة حدثني أبي عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكر الحديث مختصرا وقال هذا حديث حسن وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة ويروي عن أبيه أشياء كثيرة عن أبي هريرة وقد روى سفيان الثوري وغير واحد هذا الحديث عن هشام بن سعد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أبي عامر عن هشام بن سعد انتهى كلامه وحديث أبي هريرة أخرجه ابن حبان أيضا

                                                                      وفي مسند أبي داود الطيالسي وشعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال لا تفخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية فوالذي نفسي بيده لما يدحرج الجعل بأنفه خير من آبائكم الذين ماتوا في الجاهلية وروى البزار في مسنده عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلكم بنو آدم وآدم من تراب لينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان انتهى

                                                                      وقوله في حديث الترمذي : " يدهده قال السيوطي في الدر النثير تلخيص نهاية ابن الأثير : دهديت الحجر ودهدهته فتدهده دحرجته فتدحرج ولما يدهده الجعل أي يدحرجه من السرجين . انتهى

                                                                      قال القاري : شبه المفتخرين بآبائهم الذين ماتوا في الجاهلية بالجعلان وآباءهم المفتخر بهم بالعذرة ونفس افتخارهم بهم بالدفع والدهدهة بالأنف والمعنى أن أحد الأمرين واقع ألبتة إما الانتهاء عن الافتخار أو كونهم أذل عند الله تعالى من الجعلان الموصوفة ، انتهى [ ص: 20 ] قال المنذري : وأخرجه الترمذي وقال حسن صحيح




                                                                      الخدمات العلمية