الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1096 ) فصل : والمختار عند أبي عبد الله ، فعلها في الجماعة ، قال ، في رواية يوسف بن موسى : الجماعة في التراويح أفضل ، وإن كان رجل يقتدى به ، فصلاها في بيته ، خفت أن يقتدي الناس به . وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : { اقتدوا بالخلفاء } وقد جاء عن عمر أنه كان يصلي في الجماعة . وبهذا قال المزني ، وابن عبد الحكم ، وجماعة من أصحاب أبي حنيفة ، قال أحمد : كان جابر ، وعلي وعبد الله يصلونها في جماعة .

                                                                                                                                            قال الطحاوي : كل من اختار التفرد ينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد ، فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا . وروي نحو هذا عن الليث بن سعد . وقال مالك ، والشافعي : قيام رمضان لمن قوي في البيت أحب إلينا ; لما روى زيد بن ثابت قال : { احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها . فتتبع إليه رجال ، وجاءوا يصلون بصلاته قال ثم : جاءوا ليلة فحضروا ، وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ، فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم ، وحصبوا الباب ، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا ، فقال : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته ، إلا الصلاة المكتوبة } . رواه مسلم .

                                                                                                                                            ولنا إجماع الصحابة على ذلك ، وجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأهله في حديث أبي ذر ، وقوله له : { إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف ، كتب لهم قيام تلك الليلة } . وهذا خاص في قيام رمضان ، فيقدم على عموم ما احتجوا به ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم معلل بخشية فرضه عليهم ، ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام بهم معللا [ ص: 457 ] بذلك أيضا ، أو خشية أن يتخذه الناس فرضا ، وقد أمن هذا أن يفعل بعده . فإن قيل : فعلي لم يقم مع الصحابة ؟ قلنا : قد روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا رضي الله عنه قام بهم في رمضان . وعن إسماعيل بن زياد ، قال : مر علي على المساجد وفيها القناديل في شهر رمضان . فقال نور الله على عمر قبره ، كما نور علينا مساجدنا . رواهما الأثرم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية