الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ذكر nindex.php?page=treesubj&link=3132_3139_3146_3157_3170_3210_3235_3243أهل الزكاة
وهم ثمانية أصناف : الفقراء : وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم . الثاني : المساكين ، وهم الذين يجدون معظم الكفاية .
ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته ، فليس بغني وإن كثرت قيمته ، وإن كان من الأثمان ، فكذلك في إحدى الروايتين ، والأخرى : إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني .
باب ذكر nindex.php?page=treesubj&link=3131أهل الزكاة
وأهلها هم الذين جعلهم الشرع محلا لدفعها إليهم ، ( وهم ثمانية أصناف ) الذين سماهم الله تعالى في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية [ التوبة : 60 ] قال أحمد : إنما هي لمن سمى الله ، قال الأصحاب : إنما تفيد الحصر ، أي : تثبت المذكور ، وتنفي ما عداه ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما الله إله واحد [ النساء : 171 ] قال في " منتهى الغاية " : وكذلك تعريف الصدقات - بالألف واللام - فلو صار صرف شيء منها إلى غير الثمانية لكان لهم بعضها لا كلها ، وهذا إجماع . ( nindex.php?page=treesubj&link=3133الفقراء ) بدأ بهم اتباعا للنص ، ولشدة حاجتهم ، وهم غير المساكين ؛ لأنهما إذا اجتمعا افترقا ، وبالعكس ( وهم الذين لا يجدون ما يقع موقعا من كفايتهم ) فالفقير الذي لا يجد شيئا أصلا ، أو لا يجد نصف كفايته ، كدرهمين من عشرة ، ومثله الخرقي وتبعه في " الشرح " بالزمن والأعمى ؛ لأنهما غالبا لا قدرة لهما على اكتساب ما يقع موقعا من كفايتهم ، أو لا قدرة لهما على شيء بالكلية ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله [ البقرة : 273 ] الثاني : nindex.php?page=treesubj&link=3140المساكين ، وهم الذين يجدون معظم الكفاية أو نصفها ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=79فكانت لمساكين يعملون في البحر [ الكهف : 79 ] فسماهم مساكين ، ولهم سفينة ، وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسكنة ، واستعاذ من الفقر فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339399اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في زمرة المساكين " رواه الترمذي ، ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ، ويستعيذ من حالة أصلح منها . فدل على أن [ ص: 416 ] المسكين أحسن حالا من الفقير لكونه يجد ما ذكرنا ، وعنه : أنه فقير ، والأول مسكين ، وأن nindex.php?page=treesubj&link=3140_3133المسكين أشد حاجة من الفقير ، وقاله الفراء ، وابن قتيبة ، وثعلب من أصحابنا ؛ لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=16أو مسكينا ذا متربة [ البلد : 16 ] وهو المطروح على التراب لشدة حاجته .
وأجيب بأنه يجوز التعبير عن الفقير بالمسكين مطلقا ، وأن هذا النعت لا يستحقه بإطلاق اسم المسكنة ( nindex.php?page=treesubj&link=2686ومن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني ، وإن كثرت قيمته ) لقوله - عليه السلام - في حديث قبيصة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339400فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش " رواه مسلم ، والسداد : الكفاية ، ولا فرق في ذلك بين ما لا تجب الزكاة فيه كالعقار ونحوه ، قال أحمد في رواية محمد بن الحكم : إذا كان له عقار يستغله أو ضيعة يستغلها عشرة آلاف أو أكثر لا تقيمه يعني لا تكفيه ، يأخذ من الزكاة ، وهو فقير يعطى من الصدقة ؛ قال : نعم ، وبين ما تجب فيه كالمواشي والحبوب . نقل الميموني عن أحمد : فقلت : الرجل تكون عنده الإبل والغنم تجب فيه الزكاة ، وهو فقير يعطى من الصدقة ؛ قال : نعم ، ولأنه يملك ما لا يغنيه ، ولا يقدر على كسب ما يكفيه ، فجاز له الأخذ منها كغيره ، ويأخذ تمام كفايته سنة ، وعنه : يأخذ نماءها دائما بمتجر وآلة صنعة ، ولا يأخذ ما يصير به غنيا ، وظاهره أنه إذا كان يقوم بكفايته كمن له مكسب أو أجرة عقار ، أو غيره ، فإنه غني ، ويمنع من أخذها ( وإن كان من الأثمان ) وهو لا يقوم بكفايته ، قال في " الوجيز " : وكفاية عياله ( فكذلك في إحدى الروايتين ) نقله مهنا ؛ وهو المذهب ؛ لأنه - عليه السلام - جعل nindex.php?page=treesubj&link=25950عدم [ ص: 417 ] الكفاية غاية حل المسألة ، ولم يوجد ( والأخرى إذا ملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فهو غني ) نقلها واختارها الأكثر ، لما روىnindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339401من سأل ، وله ما يغنيه ، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو كدوشا في وجهه ، قالوا : يا رسول الله ، وما غناه ؛ قال : خمسون درهما أو حسابها من الذهب " رواه الخمسة ، وأجيب بضعف الخبر ، فإنه يرويه حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عنه ، وشعبة لا يروي عن حكيم مع أنه قد ضعفه جماعة ، ولو سلم ، فهو محمول على المسألة ، فتحرم المسألة ، ولا يحرم الأخذ ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ، وحمله المجد على أنه - عليه السلام - قاله في وقت كانت الكفاية الغالبة فيه بخمسين ، ولذلك جاء التقدير عنه بأربعين ، وبخمس أواق ؛ وهي مائتان ، ويعتبر الذهب بقيمة الوقت ؛ لأن الشرع لم يحده ، وظاهره أنه ليس المانع من أخذها ملكه نصابا أو قيمته فاضلا عما يحتاجه فقط ، أو ملكه كفايته .
فرع : عياله مثله ، فيأخذ لكل واحد منهم خمسين أو قدر كفايته على الخلاف .