الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: ما وجه جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله: لكم فاعلموا بعد قوله: ( قل ) ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: معناه: فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين; لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين كانوا يتحدونهم، وقد قال في موضع آخر: فإن لم يستجيبوا لك فاعلم [القصص: 50]، ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كقوله [من الطويل]:

                                                                                                                                                                                                [ ص: 188 ]

                                                                                                                                                                                                فإن شئت حرمت النساء سواكم ... .................................



                                                                                                                                                                                                ووجه آخر: وهو أن يكون الخطاب للمشركين، والضمير في "لم يستجيبوا" لمن استطعتم، يعني: فإن لم يستجب لكم من تدعونه من دون الله إلى المظاهرة على معارضته لعلمهم بالعجز عنه، وأن طاقتهم أقصر من أن تبلغه، فاعلموا أنما أنزل بعلم الله أي: أنزل ملتبسا بما لا يعلمه إلا الله، من نظم معجز للخلق، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه، "و": اعلموا عند ذلك، وأن لا إله إلا : الله وحده، وأن توحيده واجب والإشراك به ظلم عظيم، فهل أنتم مسلمون : مبايعون بالإسلام بعد هذه الحجة القاطعة، وهذا وجه حسن مطرد، ومن جعل الخطاب للمسلمين فمعناه: فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه، وازدادوا يقينا وثبات قدم على أنه منزل من عند الله وعلى التوحيد، ومعنى: "فهل أنتم مسلمون": فهل أنتم مخلصون؟

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية