الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 420 ] الرابع : المؤلفة قلوبهم ، وهم السادة المطاعون في عشائرهم ممن يرجى سلامه ، أو يخشى شره ، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه ، أو إسلام نظيره أو جباية الزكاة لا يعطيها ممن لا يعطيها هو ، أو الدفع عن المسلمين ، وعنه : أن حكمهم انقطع .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الرابع : المؤلفة قلوبهم ) للنص ، والمذهب بقاء حكمهم ؛ لأنه عليه السلام أعطى المؤلفة من المسلمين والمشركين ( وهم السادة ) الرؤساء ( المطاعون في عشائرهم ) ولا يقبل قوله : إنه مطاع إلا ببينة ، وهم ضربان : كفار ومسلمون ، والكفار على ضربين : أحدهما ( ممن يرجى إسلامه ) فيعطى منها ليقوى بنيته في الإسلام وتميل نفسه إليه فيسلم ؛ لأنه عليه السلام أعطى صفوان بن أمية يوم فتح مكة الأمان ، واستنظره أربعة أشهر لينظر في أمره ، وخرج معه إلى حنين ، فلما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - العطايا ، قال صفوان : ما لي ؛ فأشار إلى واد فيه إبل محملة ، فقال : هذا لك . فقال صفوان : هذا عطاء من لا يخشى الفقر . وأجيب أنه كان من مال الفيء لا الزكاة .

                                                                                                                          الثاني : من يرجى بعطيته كف شره وشر غيره ، فقال ( أو يخشى شره ) لما روى ابن عباس : " أن قوما كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أعطاهم مدحوا الإسلام ، وإن منعهم ذموا وعابوا " والمسلمون على أربعة أضرب :

                                                                                                                          1 - ( أو يرجى بعطيته قوة إيمانه ) ومناصحته في الجهاد ؛ لأنه - عليه السلام - لما بعث إليه علي بذهيبة في تربتها ، وقسمها بين أربعة نفر : الأقرع بن حابس ، وعيينة بن بدر ، وعلقمة بن علاثة ثم أحد بني كلاب ، وزيد الخير الطائي ثم أحد بني نبهان قال : فغضبت قريش ، وقالوا : يعطي صناديد نجد ويدعنا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما فعلت ذلك لأتألفهم متفق عليه . من حديث أبي سعيد ، ويقبل قوله في ضعف إسلامه بلا بينة .

                                                                                                                          2 - ( أو إسلام نظيره ) أي : أنهم سادات من المسلمين لهم نظراء من [ ص: 421 ] المشركين إذا أعطوا المسلمين رغب نظراؤهم في الإسلام ؛ لأن أبا بكر أعطى عدي بن حاتم ، والزبرقان بن بدر مع إسلامهما ، وحسن نياتهما .

                                                                                                                          3 - ( أو جباية الزكاة ممن لا يعطيها ) إلا أن يخاف .

                                                                                                                          4 - ( أو الدفع عن المسلمين ) كمن هو في طرف بلاد الإسلام ، إذا أعطوا دفعوا عمن يليهم من المسلمين ، فهؤلاء يعطون من الزكاة لدخولهم في مسمى المؤلفة ، ( وعنه : أن حكمهم انقطع ) نقلها حنبل عنه ؛ لأن الصحابة لم يعطوا شيئا من ذلك ، ولأن الله تعالى قد أظهر الإسلام ، وأعلا كلمة الإيمان ، فلم يحتج إليهم ، والحكم يزول بزوال علته ، وعنه : ينقطع مع كفرهم ، لقول عمر وقد جاءه مشرك يلتمس منه مالا فلم يعطه ، وقال : من شاء فليؤمن ، ومن شاء فليكفر أي : يستمر على كفره ، وعليهما يرد سهمهم على بقية الأصناف ، أو يصرف في مصالح المسلمين ، نص عليه ، وظاهر كلام جماعة يرد على بقية الأصناف فقط .




                                                                                                                          الخدمات العلمية