الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2058 باب منتهى التلقي

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان منتهى جواز التلقي وهو إلى أعلى سوق البلد، وأما التلقي المحرم فهو ما كان إلى خارج البلد، واعلم أن التلقي له ابتداء وانتهاء، أما ابتداؤه فهو من الخروج من منزله إلى السوق، وأما انتهاؤه فهو من جهة البلد لا حد له، وأما من جهة التلقي فهو أن يخرج من أعلى السوق، وأما التلقي في أعلى السوق فهو جائز؛ لما في حديث ابن عمر: "كانوا يتبايعون في أعلاه" وأما ما كان خارجا من السوق في الحاضرة أو قريبا منها بحيث يجد من يسأله عن سعرها فهذا يكره له أن يشتري هناك لأنه داخل في معنى التلقي، وإن خرج من السوق ولم يخرج عن البلد فقد صرح الشافعية بأنه لا يدخل في النهي، وأما الموضع البعيد الذي لا يقدر فيه على ذلك فيجوز فيه البيع وليس بتلق، قال مالك: وأكره أن يشترى في نواحي المصر حتى يهبط إلى السوق، وقال ابن المنذر: بلغني هذا القول عن أحمد وإسحاق أنهما نهيا عن التلقي خارج السوق ورخصا في ذلك في أعلاه، ومذاهب العلماء في حد التلقي متقاربة، روي عن يحيى بن سعيد أنه قال: في مقدار الميل من المدينة أو آخر منازلها هو من تلقي البيوع المنهي عنه، وروى ابن القاسم عن مالك أن الميل من المدينة ليس بتلق، وقيل له: فإن كان على ستة أميال؟ قال: لا بأس بالشراء وليس بتلق، وعلم من ذلك أن التلقي الممنوع عنده إذا خرج من مقدار ستة أميال، وروى أشهب عنه في الذين يخرجون ويشترون الفاكهة من مواضعها أنه لا بأس به؛ لأنه ليس بتلق؛ لأنهم يشترون من غير جالب، وقال ابن حبيب: لا يجوز للرجل في الحضر أن يشتري ما مر به من السلع، وإن كان على بابه، إذا كان لها مواقف في السوق يباع فيها، وهو متلق إن فعل ذلك، وما لم يكن لها موقف وإنما يطاف بها فأدخلت أزقة الحاضرة فلا بأس أن يشتري، وإن لم يبلغ السوق، وقال الليث: من كان على بابه أو في طريقه فمرت به سلعة فاشتراها فلا بأس بذلك، والمتلقي عنده الخارج القاصد إليه، وقال ابن حبيب: ومن كان موضعه غير الحاضرة قريبا منها أو بعيدا لا بأس أن يشتري ما مر به للأكل خاصة لا للبيع، ورواه أشهب، عن مالك رحمه الله.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية