الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5362 [ ص: 357 ] 6 - باب: الدواء بأبوال الإبل

                                                                                                                                                                                                                              5686 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - أن ناسا اجتووا في المدينة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا براعيه - يعني: الإبل - فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعي وساقوا الإبل، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث في طلبهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم. قال قتادة: فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 10 \ 142]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث العرنيين السالف في الطهارة .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ترجم له: باب الدواء بأبوال الإبل، وذكره أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الخطيب في "الفصل للوصل" أن حميد بن أبي حميد - وأشار البخاري إلى متابعته في كتاب الطهارة - رواه عن أنس من غير قوله: ("وأبوالها") فإنه رواها عن قتادة عن أنس أي كما هنا . قال: ووقع في بعض الأحاديث الباطلة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الله عاتبه لما قطع أيديهم وسمل أعينهم بالنار، فأنزل الله: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآيات .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر أبو نعيم في "طبه" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "عليكم بأبوال الإبل البرية وألبانها" وأخذ أصحابنا من هذا الحديث التداوي بالنجاسات،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 358 ] وعند مالك: أبوال الإبل طاهرة، وكذا كل ما يؤكل لحمه، قيل له: فأبوال الخيل؟ قال: لا خير فيه. قيل له: تحلب فتبول في اللبن؟ قال: أرجو ألا يكون بذلك بأس .

                                                                                                                                                                                                                              والقول الصحيح في ذلك قول من شهدت له السنة الثابتة.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (كان بهم سقم) هو بضم السين وفتحها مثل حزن وحزن. ومعنى: (يكدم الأرض بلسانه) يلعقها من شدة العطش وألم الجراح، يقال: كدم يكدم إذا عض بادئ الفم.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (فقال: سلام - يعني: ابن مسكين - : فبلغني أن الحجاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقب فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فحدثه بهذا فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يحدثه بهذا) يريد: لئلا يجترئ الحجاج ويزيد في العقوبة ويحتج بذلك على ما يحب فعله.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى (اجتووا المدينة) كرهوها واستوخموها واستوبلوها لمرض أصابهم فيها وقد جاء مفسرا.

                                                                                                                                                                                                                              قال الجوهري: اجتويت البلدة إذا كرهتها وإن كنت في نعمة ،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 359 ] وفرق بعضهم بين اجتووا واستوخموا فجعل (اجتووا) كرهوا الموضع وإن وافق و(استوبلوا) إذا لم يوافقه وإن أحبه، يقال: وبل الموضع - بالضم وبلا ووبالا - فهو: وبيل، أي: وخيم. و(صلحت) بفتح اللام قال الجوهري: يقول: صلح الشيء يصلح صلوحا . وحكى الفراء الضم.

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (وسمر أعينهم) هو بالتخفيف، أي: كحلها بالمسامير المحماة، يقال: سمرت الشيء تسميرا وسمرت أيضا، ويروى: وسمل باللام أي: فقأها بالشوك، وقيل بالحديدة ( المحماة) تدنى من العين حتى يذهب بصرها.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قوله: (قال قتادة: فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود) يريد حد المحارب، والذي فعله الشارع لهم كان الحد ثم نسخ بالقرآن، وقيل: إنهم فعلوا بالراعي مثل ذلك فعوقبوا بمثل ما أتوه. وقد سلف إيضاح ذلك أجمع في الطهارة، وأعدناه لبعده.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية