الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 403 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة الجمعة

                                                                                                                                                                                                                                      القول في جميعها

                                                                                                                                                                                                                                      يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين .

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 404 ] : قال أحمد ابن حنبل ، وإسحاق : تجب الجمعة على من سمع النداء ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : تجب على كل من في المصر ، سمع النداء أو لم يسمعه ، ولا تجب على من هو خارج المصر وإن سمع النداء ، وقال مالك : تجب على من كان على مسافة ثلاثة أميال من الموضع الذي تصلى فيه ، وعن الزهري : على ستة أميال ، وعنه أيضا [وعن ربيعة : أربعة أميال] ، وعن ربيعة أيضا : أنها تجب على من إذا سمع النداء ، وخرج من بيته ماشيا؛ أدرك الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجب على النساء والصبيان ، ويصليها من شهدها منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجب على العبيد عند مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، ومن حضرها منهم؛ أجزأته ، وقال الحسن وقتادة : تجب على العبيد .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تجب على المسافر ، وقد روي عن الزهري : أنها تجب عليه إذا سمع الأذان .

                                                                                                                                                                                                                                      ويتخلف عنها إذا حضر الموت أحدا من أهله ، ويتخلف عنها في المطر الوابل ، ولم يره مالك عذرا له ، وقد روي جواز تخلفه بسببه عن النبي عليه الصلاة والسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فاسعوا إلى ذكر الله : يريد : العمل لا الجري ، ومثله :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 405 ] وأن ليس للإنسان إلا ما سعى [النجم : 39] ، وشبهه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وذروا البيع : مذهب مالك : أن يترك البيع إذا نودي بالصلاة ، ويفسخ عنده ما وقع من البيع في ذلك الوقت ، ولا يفسخ العتق والنكاح والطلاق ونحوه؛ إذ ليس من عادة الناس الاشتغال به كاشتغالهم بالبيع .

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك ، والحسن ، وعطاء : إذا زالت الشمس يوم الجمعة؛ فقد حرم البيع والشراء حتى تنقضي الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      ورأى بعض العلماء البيع في الوقت المذكور جائزا ، وتأول النهي عنه ندبا ، واستدل بقوله : ذلكم خير لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض : هذا أمر إباحة ، وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم : "أن ذلك ليس لطلب دنيا ، ولكن لعيادة مريض ، وحضور جنازة ، وزيارة أخ في الله تعالى" .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية