الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          856 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          وإن وطئ وعليه بقية من طواف الإفاضة أو شيء من رمي الجمرة فقد بطل حجه كما قلنا ، قال تعالى : { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } .

                                                                                                                                                                                          فصح أن من رفث ولم يكمل حجه فلم يحج كما أمر ، وهو قول ابن عمر وقول أصحابنا .

                                                                                                                                                                                          وقال ابن عباس : لا يبطل الحج بالوطء بعد عرفة ; وهو قول أبي حنيفة وقال مالك : إن وطئ يوم النحر قبل رمي الجمرة بطل حجه ، وإن وطئ يوم النحر بعد رمي الجمرة لم يبطل حجه ، وإن وطئ بعد يوم النحر قبل رمي الجمرة لم يبطل حجه .

                                                                                                                                                                                          فأما قول مالك فتقسيم لا دليل على صحته أصلا .

                                                                                                                                                                                          واحتج أبو حنيفة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الحج عرفة } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ولا حجة لهم في هذا لأن الذي قال هذا هو الذي أخبرنا عن الله تعالى [ ص: 201 ] بأنه قال : { وليطوفوا بالبيت العتيق } وبأنه قال : { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } .

                                                                                                                                                                                          وهو الذي أمر برمي الجمرة فلا يجوز الأخذ ببعض قوله دون بعض .

                                                                                                                                                                                          وقد قال تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فكان الطواف بالبيت هو الحج كعرفة ولا فرق .

                                                                                                                                                                                          وقوله عليه السلام : { الحج عرفة } لا يمنع من أن يكون الحج غير عرفة أيضا ; وقد وافقنا المخالف على أن امرأ لو قصد عرفة فوقف بها فلم يحرم ولا لبى ، ولا طاف ، ولا سعى فلا حج له ; فبطل تعلقهم بقوله عليه السلام : { الحج عرفة } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية