الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إن الدين عند الله الإسلام )

قال أبو جعفر : ومعنى " الدين " في هذا الموضع : الطاعة والذلة من قول الشاعر :

ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس ، إلا نحن دينا

[ ص: 274 ] يعني بذلك : مطيعين على وجه الذل ، ومنه قول القطامي :


    كانت نوار تدينك الأديانا



يعني : تذلك . وقول الأعشى ميمون بن قيس :

هو دان الرباب إذ كرهوا الد     ين دراكا بغزوة وصيال


يعني بقوله : " دان " ذلل وبقوله : " كرهوا الدين " الطاعة .

وكذلك " الإسلام " وهو الانقياد بالتذلل والخشوع ، والفعل منه : " أسلم " بمعنى : دخل في السلم ، كما يقال : " أقحط القوم " إذا دخلوا في القحط ، [ ص: 275 ]

" وأربعوا " إذا دخلوا في الربيع فكذلك " أسلموا " إذا دخلوا في السلم ، وهو الانقياد بالخضوع وترك الممانعة .

فإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " : إن الطاعة التي هي الطاعة عنده ، الطاعة له ، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذلة ، وانقيادها له بالطاعة فيما أمر ونهى ، وتذللها له بذلك من غير استكبار عليه ، ولا انحراف عنه ، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

6763 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " والإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وهو دين الله الذي شرع لنفسه ، وبعث به رسله ، ودل عليه أولياءه ، لا يقبل غيره ولا يجزى إلا به .

6764 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قال حدثنا أبو العالية في قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " قال : " الإسلام " الإخلاص لله وحده ، وعبادته لا شريك له ، [ ص: 276 ] وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وسائر الفرائض لهذا تبع .

6765 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : ( أسلمنا ) [ سورة الحجرات : 14 ] ، قال : دخلنا في السلم ، وتركنا الحرب .

6766 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " إن الدين عند الله الإسلام " أي : ما أنت عليه يا محمد من التوحيد للرب ، والتصديق للرسل .

التالي السابق


الخدمات العلمية