الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5380 [ ص: 415 ] 18 - باب: الإثمد والكحل من الرمد

                                                                                                                                                                                                                              فيه عن أم عطية. [انظر: 313]

                                                                                                                                                                                                                              5706 - حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن شعبة قال: حدثني حميد بن نافع، عن زينب، عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن امرأة توفي زوجها فاشتكت عينها، فذكروها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وذكروا له الكحل، وأنه يخاف على عينها، فقال: " لقد كانت إحداكن تمكث في بيتها في شر أحلاسها - أو في أحلاسها في شر بيتها - فإذا مر كلب رمت بعرة، فلا، أربعة أشهر وعشرا". [ انظر: 5336 - مسلم: 1488 - فتح 10 \ 157]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن امرأة توفي زوجها فاشتكت عينها، فذكروها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكروا له الكحل، وأنه يخاف على عينها، فقال: "لقد كانت إحداكن تمكث في بيتها في شر أحلاسها - أو: في أحلاسها في شر بيتها - فإذا مر كلب رمت ببعرة، فلا، أربعة أشهر وعشرا".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              (حديث أم سلمة سلف في الطلاق، و) عني البخاري بحديث أم عطية حديثها السالف في الطلاق أيضا مسندا ، وليس فيه ولا في حديث الباب ذكر الإثمد، وكأن البخاري اعتمد على أنه يدخل في غالب الأكحال لا سيما أكحال العرب، وأما ذكره والتنصيص عليه فكأنه لم يصح على شرطه، وقد أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 416 ] "إن خير أكحالكم الإثمد: يجلو البصر، وينبت الشعر" .

                                                                                                                                                                                                                              وللترمذي أيضا محسنا: "اكتحلوا بالإثمد; فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر"، وكان له - صلى الله عليه وسلم - مكحلة يكتحل منها كل ليلة، ثلاثة في هذه، وثلاثة في هذه، وفي رواية: وثنتين في اليسرى .

                                                                                                                                                                                                                              وفي "علل الترمذي" المفردة: سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث محفوظ .

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ ذكره ابن بطال: كان - صلى الله عليه وسلم - يكتحل قبل أن ينام (بالإثمد) ثلاثة في كل عين ثلاث .

                                                                                                                                                                                                                              وخرج الترمذي في "شمائله" من حديث ابن إسحاق عن ابن المنكدر عن جابر نحوه "عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" ، وقال في "علله": سألت محمدا عنه فلم يعرفه من حديث ابن إسحاق. وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن مسلم عن ابن المنكدر عن جابر. قال: وسألته عن حديث ابن عمر، قال: إنما روى هذا عن سالم عثمان بن عبد الملك، ولم يعرفه من حديث غيره، وعن ابن عمر كذلك .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 417 ] ولابن أبي عاصم من حديث عون بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده مرفوعا: "عليكم بالإثمد; فإنه منبتة للشعر، مذهبة للقذى، مصفاة للبصر".

                                                                                                                                                                                                                              وفي "غرائب الدارقطني" من حديث الزهري عن أنس: كان - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالإثمد. ثم قال: تفرد به عبد الرحمن بن عبد الله بن مسلم - وكان ضعيفا - عن سعيد بن بزيع، عن ابن إسحاق عنه .

                                                                                                                                                                                                                              ولابن أبي عاصم من حديث عقبة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اكتحل اكتحل وترا. ومن حديث صفوان بن سليم، عن أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له مكحلة يكتحل بها عند النوم ثلاثا ثلاثا.

                                                                                                                                                                                                                              ولأبي نعيم: اثنتين في كل عين، ويقسم بينهما واحدة .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية من طريق يحيى بن زهدم، عن أبيه، عن أنس يرفعه: "لا تكرهوا الرمد، فإنه يقطع عروق العمى" .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              الإثمد: حجر يكتحل به، قال في "المحكم": الإثمد: حجر يتخذ منه الكحل، وقيل: هو نفس الكحل، وقيل: شبيه به .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر الموفق البغدادي وابن البيطار منافع الإثمد، منها أنه يقطع الرعاف.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 418 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              قولها: (شر أحلاسها)، قال الجوهري: أحلاس البيوت: ما يبسط تحت الثياب .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي : شر أحلاسها: الثياب التي تلبس.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية