الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 57 ] من قال : لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين

حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع قال : دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس ، فقال له شداد بن معقل : أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء ؟ قال : ما ترك إلا ما بين الدفتين . قال : ودخلنا على محمد ابن الحنفية فسألناه فقال : ما ترك إلا ما بين الدفتين .

تفرد به البخاري ومعناه : أنه - عليه السلام - ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه ، كما قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا . وفي حديث أبي الدرداء : إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر . ولهذا قال ابن عباس : وإنما ترك ما بين الدفتين يعني القرآن ، والسنة مفسرة له ومبينة وموضحة له ، فهي تابعة له ، والمقصود الأعظم كتاب الله تعالى ، كما قال تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) الآية [ فاطر : 32 ] ، فالأنبياء - عليهم السلام - لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها ، إنما خلقوا للآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها ؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة وكان أول من أظهر هذه المحاسن من هذا الوجه أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، لما سئل عن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبر عنه بذلك ، ووافقه على نقله عنه - عليه السلام - غير واحد من الصحابة ؛ منهم عمر وعثمان وعلي والعباس وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبو هريرة وعائشة وغيرهم ، وهذا ابن عباس يقول - أيضا - عنه عليه السلام ؟ رضي الله عنهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية