الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب آداب القاضي بفتح الهمزة والدال ، يقال : أدب الرجل بكسر الدال وضمها لغة إذا صار أديبا في خلق أو علم ( وهو ) أي الأدب ( أخلاقه التي ينبغي ) له ولغيره ( التخلق بها ) والمقصود من هذا الباب بيان ما يجب على القاضي ، أو يسن له أن يأخذ به نفسه وأعوانه [ ص: 310 ] من الآداب والقوانين التي تنضبط بها أمور القضاء وتحفظهم من الميل والزيغ ( والخلق ) بضم اللام ( صورته الباطنة ) وهي نفسه وأوصافها ومعانيها ، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة قال الحافظ ابن حجر : حسن الخلق اختيار الفضائل وترك الرذائل .

                                                                                                                      ( ينبغي ) أي يسن ( أن يكون ) القاضي ( قويا من غير عنف ) لئلا يطمع فيه الظالم ، والعنف ضد الرفق .

                                                                                                                      ( لينا من غير ضعف ) لئلا يهابه صاحب الحق ، وظاهر الفصول يجب ذلك ( حليما ) لئلا يغضب من كلام الخصم فيمنعه ذلك من الحكم بينهما ( متأنيا ) لئلا تؤدي عجلته إلى ما لا ينبغي ( ذا فطنة وتيقظ ) لئلا يخدع من بعض الخصوم على غرة ( بصيرا بأحكام الحكام قبله ، يخاف الله تعالى ويراقبه لا يؤتى من غفلة ولا يخدع لغرة ) لقول علي " لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال : عفيف حليم عالم بما كان قبله يستشير ذوي الألباب لا يخاف في الله لومة لائم " ( صحيح البصر والسمع ، عالما بلغات أهل ولايته ) لأن ذلك أمكن في العدل بينهم لأن المترجم قد يخفي شيئا من كلام أحدهما .

                                                                                                                      ( عفيفا ) لما تقدم عن علي ( ورعا نزها بعيدا عن الطمع صدوق اللهجة لا يهزل ولا يمجن ) أي يمزح لأن ذلك يخل بهيئته ( ذا رأي ومشورة ) لما تقدم عن علي ( لكلامه لين ذا قرب وهيبة إذا أوعد ووفاء إذا وعد ) يقال : وعد في الخير وأوعد في ضده هذا هو الأصل وقد يستعمل كل منهما بمعنى الآخر ( ولا يكون ) القاضي ( جبارا ولا عسوفا ) لأنه لا يحصل المقصود بتوليته من وصول الحق لمستحقه ( وله أن ينتهر الخصم إذا التوى ) لأن الحاجة داعية إلى ذلك لإقامة العدل ( و ) أن ( يصيح عليه ) أي على الخصم عند التوائه ( وإن استحق التعزير عزره بما يرى من أدب ) لا يزيد على عشرة أسواط ( أو حبس ) .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية