الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الباب الأول في أركانها وهي ثلاثة : الأول والثاني المتعاقدان ويشترط فيهما أهلية الشركة والإجارة ، فإن المغارسة مركبة منها .

                                                                                                                الركن الثالث : العمل .

                                                                                                                قال صاحب المقدمات : المغارسة ثلاثة أقسام : القسم الأول : إجارة محضة كقولك اغرس أرضي تينا ونحوه - ولك كذا ، فإن كانت الغروس من عندك فلا إشكال في الجواز - سميت عدد ما يغرس أم لا ; لأنه معلوم عرفا ، نعم لا بد أن تصف قدر الغرس في الصغر [ ص: 138 ] والكبر لاختلاف المشقة فيه ، إلا أن تكون عادة ، وإن كانت الغروس من عنده ، فيدخل فيه ما دخل في اشتراط الجص والآجر على البناء ; لأنه إجارة وسلم فأحكامها مختلفة إذا كان الأجير بعينه ، فإن أسلم لا بد فيه من ضرب الأجل وتعجيل رأس المال ، والأجير المعين لا يجوز النقد له إلا بعد الشروع ، فلا يستأجر المعين والغروس من عنده ، ولها قيمة إلا بثلاثة شروط : تعجيل الإجارة ، والشروع في العمل ، وأن يكون الغرس لا يتم إلا في مدة طويلة يستخف فيها ما بتعجل من الغرس في جنب ما يتأخر وأما إن استأجره إجارة مضمونة في ذمته على أن الغرس من عنده ولها قيمة فذلك جائز ; لأن الإجارة المضمونة كالسلم ، فإن قدم إجارته إليه وضرب للغرس أجلا كقولك استأجرتك على غرس هذه الأرض في شهر كذا والغرس من عندك أجازه ابن القاسم في المدونة إذا كان على وجه القبالة وقدم نقده .

                                                                                                                القسم الثاني : المغارسة على وجه الجعل كقولك اغرس أرضي تينا أو نحوه ، ولك في كل ثمرة تنبت كذا فيجوز ; لأنه جعل محض .

                                                                                                                القسم الثالث : أن يغارسه في الأرض على جزء منها فليست إجارة منفردة ولا جعالة ، بل أصل مستقل فيه الشبهان فيشبه الإجارة في اللزوم بالعقد ، والجعالة لبطلان حق المغارس إذا بطل الغرس ولا يعيده مرة أخرى ، وعن ابن القاسم لا يجوز إلا على الجعل وأن يكون له الترك متى شاء ، فعلى هذا المغارسة قسمان فقط : الجعل والإجارة ، كان له جزء من الأرض أم لا ، ومنع ( ش ) القسم الثالث ; لأنه ليست شركة ولا قراضا ولا إجارة لعدم شروط الأقسام فلا تجوز ، وقاسها مالك على المساقاة ، وتمتنع على جزء من الأرض إلا أن يكون إلى حد دون الإطعام ، وفي التحديد بالإطعام أو السنين دون الإطعام أو سكتا [ ص: 139 ] عن التحديد قولان ، ويمتنع أن يكون الشجر أو الغلة بينهما دون الأصل ، قال ابن بشير في نظائره : يشترط أمران أن تكون الأرض بينهما مع ما فيها لئلا ينتفع العامل بالأرض مدة غير محصورة ، وأن يكون الانتهاء الإطعام أو دونه دون ما فوقه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية