الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في نكاح الخصي، وكم يتزوج العبد، وذكر ما يتفق فيه أحكام الحر والعبد ويختلف، وفي دخول العبد والخصي على النساء

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم : نكاح الخصي جائز. وقد تقدم في أول "الكتاب" ذكر ذلك، وما يكون منه مباحا ومندوبا إليه. وقال مالك : للعبد أن يتزوج أربع نسوة . وروى عنه ابن وهب في "كتاب محمد ": ألا يتزوج إلا اثنتين على النصف من الحر . قياسا على الحد.

                                                                                                                                                                                        والعبد في أحكامه من الحر على أربعة أوجه: على النصف، وعلى المساواة، ومختلف فيه، هل هو على النصف أو المساواة؟ ومخالف للحر يجب على الحر، ولا يجب على العبد، فالأول حد الزنا: هو فيه على النصف; لقول الله تعالى: فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [النساء: 25]. والآية وإن كانت في الإماء، فلا خلاف أن العبد مساو لهن في ذلك. وقاس مالك على الحد الطلاق والعدة، فجعل طلاق العبد، وعدة الأمة على النصف، فأتم الطلاق اثنتين، والعدة طهرين، لما كانت الطلقة والطهر لا يتبعضان.

                                                                                                                                                                                        واختلف في عدد من يتزوج العبد وقد تقدم، وفي الأجل إذا آلى أو اعترض عن زوجته أو فقد، وفي عدد حده إذا قذف حرا: فحمله مالك في [ ص: 1874 ] جميع ذلك على النصف; أجله شهران، وإن اعترض ستة أشهر، وإن فقد سنتين، وإن قذف حرا حد أربعين، وقيل: هو في ذلك كالحر; أجل إيلائه أربعة أشهر وفي العنة سنة وفي الفقد أربع سنين ويحد في القذف ثمانين وهو أحسن، وليس هذا مما يرد فيه العبد إلى النصف فأما الإيلاء فإن أربعة الأشهر مدة لا يشق فيها الصبر على الزوجة ولا يختلف حالها في ذلك إذا كان الزوج حرا أو عبدا وكان من حقه ألا يطلق عليه قبل الوقت الذي يلحقها الضرر فيه وقيل السنة في العنة ليتعالج بالفصول الأربعة لإمكان أن يكون أحد الفصول أوفق له في العلاج، والعبد والحر فيما يحتاج إليه من ذلك سواء وأربع سنين في الفقد لأنها مدة يبلى فيها عذر الزوج فكان من حقه إذا كان عبدا ألا يقصر به عن ذلك، ويحد إذا قذف ثمانين; لأن ذلك من حق المقذوف الحر حماية وأدبا له، وليس كذلك إذا كان المقذوف عبدا والحد مبني على حرمة المقذوف، وليس على حرمة القاذف، فإذا كان حكم الحر إذا قذف أن يحد ثمانين - لم ينقص العبد من ذلك إذا تجرأ على حر، وانتهك حرمته. وذكر قائل هذه الأقوال في مواضعها في "كتاب الإيلاء" وغيره. وهو في الصلوات الخمس والصوم كالحر، وفي الزكاة والحج بخلاف ذلك، ساقط عنه بخلاف الحر.

                                                                                                                                                                                        واختلف في وجوب الجمعة عليه وقد مضى ذلك في "الصلاة الثاني". وهو في يمينه كالحر في انعقاد اليمين، وفي وجوب الصوم ثلاثة أيام لا ينقص منها شيء . وتسقط عنه الكسوة والإطعام; لأنه فقير، والعتق مثل ذلك، [ ص: 1875 ] ولأن الولاء ليس له، وإن أذن له السيد في العتق. ومن أذن لعبده في النكاح كان الصداق على العبد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا زوجه السيد. فقال ابن القاسم : الصداق على العبد، وقال ربيعة: على السيد بمنزلة الأب يزوج ولده الصغير.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية