الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: ويسألونك عن ذي القرنين اختلف فيه هل كان نبيا؟ فذهب قوم إلى أنه نبي مبعوث فتح الله على يده الأرض ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لم يكن نبيا ولا ملكا ، ولكنه كان عبدا صالحا أحب الله وأحبه الله ، وناصح لله فناصحه الله ، وضربوه على قرنه فمكث ما شاء الله ثم دعاهم إلى الهدى فضربوه على قرنه الآخر ، ولم يكن له قرنان كقرني الثور. واختلف في تسميته بذي القرنين على أربعة أقاويل: أحدها: لقرنين في جانبي رأسه على ما حكى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لأنه كانت له ضفيرتان فسمي بهما ذو القرنين ، قاله الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: لأنه بلغ طرفي الأرض من المشرق والمغرب ، فسمي لاستيلائه. على قرني الأرض ذو القرنين ، قاله الزهري.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: لأنه رأى في منامه أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها ، فقص رؤياه على قومه فسمي ذو القرنين ، قاله وهب بن منبه. وحكى ابن عباس أن ذا القرنين هو عبد الله بن الضحاك بن معد ، وحكى محمد بن إسحاق أنه رجل من أهل مصر اسمه مرزبان بن مردبة اليوناني ولد يونان بن يافث بن نوح. وقال معاذ بن جبل: كان روميا اسمه الإسكندروس. قال ابن هشام: هو الإسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 338 ] قوله عز وجل: إنا مكنا له في الأرض يحتمل وجهين: أحدهما: باستيلائه على ملكها.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بقيامه بمصالحها. وآتيناه من كل شيء سببا فيه وجهان: أحدهما: من كل شيء علما ينتسب به إلى إرادته ، قاله ابن عباس وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما يستعين به على لقاء الملوك وقتل الأعداء وفتح البلاد. ويحتمل وجها ثالثا: وجعلنا له من كل أرض وليها سلطانا وهيبة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية