الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 16 ] ( قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ( 26 ) ( ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ( 27 ) الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ( 28 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( قد مكر الذين من قبلهم ) وهو نمرود بن كنعان ، بنى الصرح ببابل ليصعد إلى السماء .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس ووهب : كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال كعب ومقاتل : كان طوله فرسخين ، فهبت ريح وألقت رأسه في البحر ، وخر عليهم الباقي وهم تحته ، ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع يومئذ فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل ، وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية فذلك قوله تعالى : ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ) أي : قصد تخريب بنيانهم من أصولها ( فخر عليهم السقف ) يعني أعلى البيوت ( من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) من مأمنهم . ( ثم يوم القيامة يخزيهم ) يهينهم بالعذاب ، ( ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم ) تخالفون المؤمنين فيهم ، ما لهم لا يحضرونكم فيدفعون عنكم العذاب؟

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر نافع النون من " تشاقون " على الإضافة ، والآخرون بفتحها .

                                                                                                                                                                                                                                      ( قال الذين أوتوا العلم ) [ وهم المؤمنون ] ( إن الخزي ) الهوان ، ( اليوم والسوء ) أي العذاب ، ( على الكافرين ) ( الذين تتوفاهم الملائكة ) يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ، قرأ حمزة " يتوفاهم " بالياء وكذا ما بعده ، ( ظالمي أنفسهم ) بالكفر ، ونصب على الحال أي : في حال كفرهم ، ( فألقوا السلم ) [ ص: 17 ] أي استسلموا وانقادوا وقالوا : ( ما كنا نعمل من سوء ) شرك ، فقال لهم الملائكة : ( بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون ) قال عكرمة : عنى بذلك من قتل من الكفار ببدر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية