( القاعدة الثالثة ) : الصلح عن موجب الجناية ، فإن قلنا هو القود وحده فله الصلح عنه بمقدار الدية وبأقل وأكثر منها إذ الدية غير واجبة بالجناية وكذلك إذا اختار القود أولا ثم رجع إلى المال وقلنا له ذلك فإن الدية سقط وجوبها وإن قلنا أحد شيئين فهل يكون الصلح عنها صلحا عن القود أو المال على وجهين ؟ يتفرع عليهما مسائل :

( منها ) nindex.php?page=treesubj&link=26495هل يصح الصلح على أكثر من الدية من غير جنسها أم لا ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في الانتصار لا يصح لأن الدية تجب بالعفو والمصالحة فلا يجوز أخذ أكثر من الواجب من الجنس وكذلك قال صاحب التلخيص يصح غير جنس الدية ولا يصح على جنسها إلا بعد تعيين الجنس من إبل أو بقر أو غنم أعطي من ربا النسيئة وربا الفضل ، وأطلق الأكثرون جواز الصلح بأكثر من الدية من غير تفصيل .

قال في المغني لا أعلم فيه خلافا وصرح السامري في فروقه بجواز الصلح بأكثر من الدية .

وإن قلنا الواجب أحد شيئين وعلل بأن القود ثابت فالمأخوذ عوض عنه وليس من جنسه فجاز من غير تقدير كسائر المعاوضات الجائزة .

وأما القود فقد يقال إنما يسقط بعد صحة الصلح وثبوته وأما مجرد المعاوضة في عقد الصلح فلا يوجب سقوطه فإنه إنما يسقطه بعوض فلا يسقط بدون ثبوت العوض له .

( الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ ) : الصُّلْحُ عَنْ مُوجِبِ الْجِنَايَةِ ، فَإِنْ قُلْنَا هُوَ الْقَوَدُ وَحْدَهُ فَلَهُ الصُّلْحُ عَنْهُ بِمِقْدَارِ الدِّيَةِ وَبِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ مِنْهَا إذْ الدِّيَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بِالْجِنَايَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ الْقَوَدَ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَالِ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الدِّيَةَ سَقَطَ وُجُوبُهَا وَإِنْ قُلْنَا أَحَدَ شَيْئَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ الصُّلْحُ عَنْهَا صُلْحًا عَنْ الْقَوَدِ أَوْ الْمَالِ عَلَى وَجْهَيْنِ ؟ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا مَسَائِلُ :

( مِنْهَا ) nindex.php?page=treesubj&link=26495هَلْ يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ جِنْسهَا أَمْ لَا ؟ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ بِالْعَفْوِ وَالْمُصَالَحَةِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ مِنْ الْجِنْسِ وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ يَصِحُّ غَيْرُ جِنْسِ الدِّيَةِ وَلَا يَصِحُّ عَلَى جِنْسِهَا إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ الْجِنْسِ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أُعْطِيَ مِنْ رِبَا النَّسِيئَةِ وَرِبَا الْفَضْلِ ، وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُونَ جَوَازَ الصُّلْحِ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ .

قَالَ فِي الْمُغْنِي لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَصَرَّحَ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ بِجَوَازِ الصُّلْحِ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ .

وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْقَوَدَ ثَابِتٌ فَالْمَأْخُوذُ عِوَضٌ عَنْهُ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَجَازَ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ الْجَائِزَةِ .

وَأَمَّا الْقَوَدُ فَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَسْقُطُ بَعْدَ صِحَّةِ الصُّلْحِ وَثُبُوتِهِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْمُعَاوَضَةِ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ فَلَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُسْقِطُهُ بِعِوَضٍ فَلَا يَسْقُطُ بِدُونِ ثُبُوتِ الْعِوَضِ لَهُ .