الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في القيام

                                                                      5215 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي سعيد الخدري أن أهل قريظة لما نزلوا على حكم سعد أرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فجاء على حمار أقمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم أو إلى خيركم فجاء حتى قعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة بهذا الحديث قال فلما كان قريبا من المسجد قال للأنصار قوموا إلى سيدكم

                                                                      التالي السابق


                                                                      قد أورد المؤلف في هذا الباب حديثين دالين على جواز القيام ثم ترجم بعد عدة أبواب بلفظ باب الرجل يقوم للرجل يعظمه بذلك وأورد فيه حديثين يدلان على النهي عن القيام فكأنه أراد بصنيعه هذا الجمع بين الأحاديث المختلفة في جواز القيام وعدمه بأن القيام إذا كان للتعظيم مثل صنيع الأعاجم فهو منهي عنه وإذا كان لأجل العلم والفضل والصلاح والشرف والود والمحبة فهو جائز

                                                                      وقال النووي في الأذكار وأما إكرام الداخل بالقيام فالذي نختاره أنه مستحب لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية ونحو ذلك ويكون هذا القيام للبر والإكرام والاحترام لا للرياء والإعظام وعلى هذا استمر عمل السلف والخلف وقد جمعت في ذلك جزءا جمعت فيه الأحاديث والآثار وأقوال السلف وأفعالهم الدالة على ما ذكرته وذكرت فيه ما خالفها وأوضحت الجواب عنه فمن أشكل عليه من ذلك شيء ورغب في مطالعته رجوت أن يزول إشكاله انتهى كلامه

                                                                      قلت وقد نقل تلك الرسالة الشيخ ابن الحاج في كتابه المدخل وتعقب على كل ما استدل به النووي رحمه الله ورد كلامه فعليك بمطالعة المدخل وفتح الباري

                                                                      ( أن أهل قريظة ) بالتصغير وهم جماعة من اليهود على حكم سعد أي [ ص: 100 ] ابن معاذ لكونهم من حلفاء قومه أرسل إليه أي رسولا أقمر أي أبيض فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي للأنصار كما في رواية الشيخين قوموا إلى سيدكم أو إلى خيركم شك من الراوي

                                                                      قال القاري في المرقاة قيل أي : لتعظيمه ويستدل به على عدم كراهته فيكون الأمر [ ص: 101 ] للإباحة ولبيان الجواز ، وقيل معناه قوموا لإعانته في النزول عن الحمار إذ كان به مرض وأثر جرح أصاب أكحله يوم الأحزاب ولو أراد تعظيمه لقال قوموا لسيدكم ومما يؤيده تخصيص الأنصار والتنصيص على السيادة المضافة وأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يقومون له تعظيما له مع أنه سيد الخلق لما يعلمون من كراهيته لذلك على ما سيأتي انتهى كلام القاري .

                                                                      قلت أراد بما سيأتي حديث أنس قال " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك " رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح

                                                                      ولقد أصاب من قال إن معناه قوموا لإعانته في النزول عن الحمار فقد وقع في مسند عائشة عند أحمد بلفظ " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " قال الحافظ : سنده حسن ، قال وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه انتهى كلام الحافظ . والمراد بالقيام المتنازع فيه القيام للتعظيم

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري والنسائي . والأقمر هو الشديد البياض والأنثى قمراء انتهى كلام المنذري .




                                                                      الخدمات العلمية