الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها [ ص: 194 ] واحدا ونحن له مسلمون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا يعني أن اليهود قالوا: كونوا هودا تهتدوا، وقالت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا، فرد الله تعالى ذلك عليهم، فقال: قل بل ملة إبراهيم حنيفا وفي الكلام حذف، يحتمل وجهين: أحدهما: أن المحذوف: بل نتبع ملة إبراهيم، ولذلك جاء به منصوبا. والثاني: أن المحذوف: بل نهتدي بملة إبراهيم، فلما حذف حرف الجر، صار منصوبا، والملة: الدين، مأخوذ من الإملاء، أي ما يملون من كتبهم. وأما الحنيف، ففيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه المخلص، وهو قول السدي. والثاني: أنه المتبع، وهو قول مجاهد. والثالث: الحاج، وهو قول ابن عباس ، والحسن. والرابع: المستقيم. وفي أصل الحنيف في اللغة وجهان: أحدهما: الميل، والمعنى أن إبراهيم حنف إلى دين الله، وهو الإسلام فسمي حنيفا، وقيل للرجل أحنف لميل كل واحدة من قدميه إلى أختها. والوجه الثاني: أن أصله الاستقامة، فسمي دين إبراهيم (الحنيفية) لاستقامته، وقيل للرجل: أحنف، تطيرا من الميل وتفاؤلا بالاستقامة، كما قيل للديغ: سليم، وللمهلكة من الأرض: مفازة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية