الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن (228):

قال قائلون: لما وعظها بترك الكتمان، دل على وجوب قبول قولها [ ص: 161 ] فبنى عليه وقوع الطلاق عليها بقولها إذا قالت: حضت، وقد علق الطلاق على حيضها.

وهذا عندنا لا يقوى، فإنه ليس النهي عن الكتمان دالا على أن قولها حجة على الزوج في قطع نكاحها، كما لا يدل على وقوع الطلاق على ضرتها، كيف وقوله تعالى: يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ليس يظهر في معنى الحيض لأن الدم إنما يكون حيضا إذا سال، ولا يكون حيضا في الرحم، لأن الحيض حكم يتعلق بالدم الخارج، فما دام في الرحم فلا حكم له.

نعم ; يجوز أن يقال: إن كل دم سائل لا يكون حيضا، وإنما يكون حيضا بالعادة والوقت وبراءة الرحم من الحمل، فهي إذا قالت: حضت ثلاث حيض، وهذه الأمور التي يقف عليها الحيض من قبلها، فالقول قولها، وإنما التصديق متعلق بحيض قد وجد ودم قد سال.

وبالجملة قوله: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ليس يظهر في الحيض، وإنما تظهر دلالته على الحمل، وهو مما يعرف بغير قولها، وإذا علق الطلاق على حملها فقالت: أنا حامل، يقع الطلاق ما لم تستبرئ ويظهر حملها، ويجوز أن يكون معنى ذلك منعها من التزوج، ومنعها من إهلاك الولد وإجهاض الجنين، وهذا لا يبعد فهمه من الآية، فالمعتمد فيه الإجماع.

التالي السابق


الخدمات العلمية