الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أمثلة للنسخ

وقد ذكر السيوطي في الإتقان إحدى وعشرين آية اعتبرها من قبيل النسخ نذكر منها ما يأتي ونعلق عليه .

1- قوله تعالى : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه ، منسوخة بقوله : فول وجهك شطر المسجد الحرام ، وقد قيل -وهو الحق- إن الأولى غير منسوخة ; لأنها في صلاة التطوع في السفر على الراحلة وكذا في حال الخوف والاضطرار ، وحكمها باق ، كما في الصحيحين ، والثانية في الصلوات الخمس ، والصحيح أنها ناسخة لما ثبت في السنة من استقبال بيت المقدس .

2- قوله تعالى : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ، قيل منسوخة بآية المواريث ، وقيل بحديث : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث “ .

3- قوله : وعلى الذين يطيقونه فدية ، نسخت بقوله : فمن شهد منكم الشهر فليصمه ، لما في الصحيحين من حديث سلمة بن الأكوع أنه [ ص: 236 ] قال : لما نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين كان من أراد أن يفطر يفتدي ، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها .

وذهب ابن عباس إلى أنها محكمة غير منسوخة : روى البخاري عن عطاء أنه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- يقرأ : وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال ابن عباس : " ليست بمنسوخة . هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان كل يوم مسكينا " - وليس معنى " يطيقونه " على هذا : يستطيعونه ، وإنما معناه يتحملونه بمشقة وكلفة .

وبعضهم جعل الكلام على تقدير " لا " النافية ، أي : وعلى الذين لا يطيقونه .

4- قوله : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ، نسخت بقوله : وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ، وقيل : يحمل عموم الأمر بالقتال على غير الأشهر الحرم فلا نسخ .

5- قوله : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ، نسخت بقوله : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .

وقيل إن الآية الأولى محكمة ; لأنها في مقام الوصية للزوجة إذا لم تخرج ولم تتزوج ، أما الثانية فهي لبيان العدة ، ولا تنافي بينهما .

6- قوله : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ، نسخت بقوله : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

7- قوله : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه ، نسخت بآية المواريث وقيل -وهو الصواب- إنها غير منسوخة وحكمها باق على الندب .

[ ص: 237 ] 8- قوله : واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما . نسختا بآية الجلد للبكر في سورة النور : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ، وبالجلد للبكر وبالرجم للثيب الوارد في السنة : " . . . البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم “ .

9- قوله : إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ، نسخت بقوله : الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين .

10- قوله : انفروا خفافا وثقالا ، نسخت بقوله : ليس على الضعفاء ولا على المرضى . . . الآية ، وبقوله : وما كان المؤمنون لينفروا كافة . . الآية .

وقيل إنه من باب التخصيص لا النسخ . وقد مر ذكر أمثلة أخرى .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية