الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5446 [ ص: 576 ] 1 - باب: قول الله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده [الأعراف: 32]

                                                                                                                                                                                                                              وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة". وقال ابن عباس: كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة.

                                                                                                                                                                                                                              5783 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم يخبرونه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء". [انظر: 3665 - مسلم: 2085 - فتح 10 \ 252]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              قيل: الآية الأولى عامة في كل مباح. وقيل: أي من حرم لبس الثياب في الطواف، ومن حرم ما حرموا من البحيرة وغيرها. وقال الفراء: كانت قبائل من العرب لا يأكلون اللحم أيام حجهم ويطوفون عراة، فأنزل الله الآية ، وقيل: والطيبات : المستلذ من الطعام أو الحلال.

                                                                                                                                                                                                                              والحديث الأول المعلق أخرجه ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون، أنا همام، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعا، الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 577 ] وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي، وثنا عن الفضل بن الصباح، عن أبي عبيدة الحداد، عن همام، عن قتادة، عن عمرو بن (سعيد) ، عن أنس رفعه: "كلوا واشربوا .. " الحديث. قال: إني أخطئ فيه، إنما هو عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده .

                                                                                                                                                                                                                              والمخيلة: الكبر - بفتح الميم - مفعلة من اختال إذا تكبر.

                                                                                                                                                                                                                              وأثر ابن عباس أخرجه ابن أبي شيبة أيضا، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (ما أخطأتك) أورده ابن التين بلفظ: ما أخطتك. ثم قال: كذا وقع غير مهموز، وصوابه: أخطأتك، لكن قال في "الصحاح": تقول: أخطأت، ولا تقل: أخطيت ، قال: وبعضهم يقوله .

                                                                                                                                                                                                                              والخيلاء كالمخيلة: الكبر أيضا، وهو بضم الخاء وكسرها ممدود فيها، والذي سمعناه هنا الضم.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              حديث ابن عمر أخرجه مسلم أيضا والترمذي، وقال: حسن صحيح، والنسائي ، قال الطبري: وقد اتفقت الأئمة الخمسة على [ ص: 578 ] إخراجه، قال الترمذي: وفي باب ما جاء في كراهية جر الإزار عن حذيفة وأبي سعيد وأبي هريرة و(سمرة) وأبي ذر وعائشة وهبيب بن مغفل) .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              زاد الترمذي في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : فقالت أم سلمة : فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبرا" فقالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: "يرخينه ذراعا لا يزدن عليه" .

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - : "كلوا واشربوا .. " وقول ابن عباس أيضا (بيان) شاف للآية، والسرف والخيلاء محرمان، وقد قال تعالى: إنه لا يحب المسرفين ، إن الله لا يحب كل مختال فخور وحديث الباب هذا وعيد شديد، قال أهل العلم في معنى: "لا ينظر الله إليه": نظر رحمة إن أنفذ عليهم الوعيد فاتقى امرؤ ربه وتأدب بأدبه، وأدب رسوله، وأدب الصالحين، وذلك بالتواضع لله بقلبه، وأودع سمعه وبصره وجوارحه للاستكانة بالطاعة، وتحبب إلى خلقه بحسن المعاشرة وخالقهم بجميل المخالقة، ليخرج من صفة من لا ينظر الله إليه ولا يحبه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية