الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره

                                                                                                                                                                                                        466 حدثنا حامد بن عمر عن بشر حدثنا عاصم حدثنا واقد عن أبيه عن ابن عمر أو ابن عمرو شبك النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه وقال عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد عن أبيه قال سمعت أبي وهو يقول قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس بهذا [ ص: 674 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 674 ] قوله : ( باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره ) أورد فيه حديث أبي موسى ، وهو دال على جواز التشبيك مطلقا ، وحديث أبي هريرة وهو دال على جوازه في المسجد وإذا جاز في المسجد فهو في غيره أجوز .

                                                                                                                                                                                                        ووقع في بعض الروايات قبل هذين الحديثين حديث آخر ، وليس هو في أكثر الروايات ولا استخرجه الإسماعيلي ولا أبو نعيم ، بل ذكره أبو مسعود في الأطراف عن رواية ابن رميح عن الفربري وحماد بن شاكر جميعا عن البخاري قال " حدثنا حامد بن عمر حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عاصم بن محمد حدثنا واقد يعني أخاه ، عن أبيه يعني محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر أو ابن عمرو قال : شبك النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه " .

                                                                                                                                                                                                        قال البخاري " وقال عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد قال سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد عن أبيه قال : سمعت أبي وهو يقول قال عبد الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس " وقد ساقه الحميدي في الجمع بين الصحيحين نقلا عن أبي مسعود ، وزاد هو " قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه " الحديث .

                                                                                                                                                                                                        وحديث عاصم بن علي الذي علقه البخاري وصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث له قال " حدثنا عاصم بن علي حدثنا عاصم بن محمد عن واقد سمعت أبي يقول قال عبد الله قال رسول الله [ ص: 675 ] صلى الله عليه وسلم " فذكره . قال ابن بطال : وجه إدخال هذه الترجمة في الفقه معارضة ما ورد في النهي عن التشبيك في المسجد وقد وردت فيه مراسيل مسندة من طرق غير ثابتة ا هـ .

                                                                                                                                                                                                        وكأنه يشير بالمسند إلى حديث كعب بن عجرة قال " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يديه فإنه في صلاة " أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان ، وفي إسناده اختلاف ضعفه بعضهم بسببه . وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر بلفظ " إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه فإن التشبيك من الشيطان . وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه " وفي إسناده ضعيف ومجهول ، وقال ابن المنير : التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض ، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث ، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل ، وتصوير المعنى في النفس بصورة الحس .

                                                                                                                                                                                                        قلت : هو في حديث أبي موسى وابن عمر كما قال ، بخلاف حديث أبي هريرة . وجمع الإسماعيلي بأن النهي مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدا لها إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي ، وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية عن ذلك أما الأولان فظاهران ، وأما حديث أبي هريرة فلأن تشبيكه إنما وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه ، فهو في حكم المنصرف من الصلاة .

                                                                                                                                                                                                        والرواية التي فيها النهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة كما قدمنا ، فهي غير معارضة لحديث أبي هريرة كما قال ابن بطال .

                                                                                                                                                                                                        واختلف في حكمة النهي عن التشبيك فقيل : لكونه من الشيطان كما تقدم في رواية ابن أبي شيبة . وقيل ; لأن التشبيك يجلب النوم وهو [ من ] مظان الحدث ، وقيل ; لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف كما نبه عليه في حديث ابن عمر فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهي عنه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - للمصلين ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وسيأتي الكلام عليه في موضعه . ويأتي الكلام على حديث ابن عمر في كتاب الفتن .



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية