الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الطبراني ، عن خبيب بن سليمان بن سمرة ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل من الأعراب يستفتيه عن الرجل ما الذي يحل له والذي يحرم عليه في ماله ونسكه وماشيته وعتره وفرعه من نتاج إبله وغنمه ؟ فقال له [ ص: 624 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحل لك الطيبات ، وأحرم عليك الخبائث ، إلا أن تفتقر إلى طعام فتأكل منه حتى تستغني عنه ، قال : ما فقري الذي آكل ذلك إذا بلغته ؟ أم ما غناي الذي يغنيني عنه ؟ قال : إذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ بلحوم ماشيتك إلى نتاجك ، أو كنت ترجو عشاء تصيبه مدركا فتبلغ إليه بلحوم ماشيتك ، وإذا كنت ترجو فائدة تنالها فتبلغها بلحوم ماشيتك ، وإذا كنت لا ترجو من ذلك شيئا فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه ، قال الأعرابي : وما غنائي الذي أدعه إذا وجدته ؟ قال : إذا رويت أهلك غبوقا من اللبن فاجتنب ما حرم عليك من الطعام ، وأما مالك فإنه ميسور كله ليس منه حرام ، غير أن في نتاجك من إبلك فرعا ، وفي نتاجك من غنمك فرعا ، تغذوه ماشيتك حتى تستغني ، ثم إن شئت فأطعمه أهلك ، وإن شئت تصدق بلحمه . وأمره أن يعتر من الغنم في كل مائة عشرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر والبيهقي في "سننه" ، عن ابن جريج في قوله : ويحل لهم الطيبات قال : الحلال ، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم قال : الثقيل الذي كان في دينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" ، عن ابن عباس في [ ص: 625 ] قوله : ويحرم عليهم الخبائث قال : كلحم الخنزير والربا ، وما كانوا يستحلون من المحرمات من المآكل التي حرمها الله ، وفي قوله : ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم قال : هو ما كان أخذ الله عليهم من الميثاق فيما حرم عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : ويضع عنهم إصرهم قال : عهدهم ومواثيقهم في تحريم ما أحل الله لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن السدي : ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم يقول : يضع عنهم عهودهم ومواثيقهم التي أخذت عليهم في التوراة والإنجيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله : ويضع عنهم إصرهم . قال : التشديد في العبادة ، كان أحدهم يذنب الذنب فيكتب على باب داره : إن توبتك أن تخرج أنت وأهلك ومالك إلى العدو ، فلا ترجع حتى يأتي الموت على آخركم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير في قوله : ويضع عنهم إصرهم قال : ما غلظ على بني إسرائيل من قرض البول من جلودهم إذا أصابهم ، ونحوه . [ ص: 626 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن شوذب في قوله : والأغلال التي كانت عليهم قال : الشدائد التي كانت عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم قال : تشديد شدد على القوم ، فجاء محمد صلى الله عليه وسلم بالتجاوز عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير : ويضع عنهم إصرهم قال : ما غلظوا على أنفسهم من قطع أثر البول وتتبع العروق في اللحم وشبهه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن مجاهد : ويضع عنهم إصرهم قال : عهدهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية